تقدير ثبوت أحدهما، أعني الإضافةَ أو الحكمَ في الفرع، فيكون دلالةُ الأدلة على هذا التقدير مستلزمًا للمحال، وما يستلزم المحالَ فهو محالٌ، لوجوب امتناع الملزومِ عند امتناع اللازم، فعُلِمَ أن المنع منعٌ صحيحٌ ثابتٌ بالبرهان.
الثامن: قوله: «فذلك مدفوعٌ بالضم، بأن نقول: المدَّعَى أحدُ الأمرين ابتداءً منضمًّا إلى ما ذكرتم من الدلائل، أو نقول: المدعى أحدُهما على تقدير عدم أحدهما».
وحاصل هذا الكلام أن يقول المستدل: أنا أدَّعي ثبوتَ أحد الأمرين، وهو الإضافة إلى المشترك أو ثبوت الحكم في الفرع، منضمًّا إلى ما ذكرتم من الدلائل الدالة على عدم إضافة الحكم إلى المشترك، وإذا ادعيتُ ثبوتَ أحدهما منضمًّا إلى ما ذكرتم من الدلائل لم يصحَّ منعُ دلالة الدلائل مع ثبوت أحدهما، لأنه منعٌ لنفس المدَّعَى. أو يقول: المستدل: أنا أدَّعي أحدهما على تقدير عدم أحدهما، أي أدَّعي أحدَ الأمرين: الإضافة إلى المشترك على تقدير عدم الحكم في الفرع، أو أدّعي الحكم في الفرع على تقدير عدم الإضافة إلى المشترك.
واعلم أن نفسَ تفسير هذا الكلام وتصوّره يُبيِّن لك صحته من فساده، فهل سمعتَ بعاقلٍ قَطُّ يَدَّعي دعوى بعضُها يَنقُض بعضًا وثبوتُها يوجب إبطالها، وكأنه قَصَدَ بهذا ترويجَ هذه العبارة على من لا يفهم معناها، لكنه يسمع: المدعى أحد الأمرين أو المدعى أحدهما على تقدير عدم أحدهما، فيحسب أن هذه دعوى صحيحة أو دعوى ممكنة الصحة، فإذا تَصَوَّر معناها عَلِمَ مقتضاها (١).