للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(فصلٌ في الاستصحاب) (١)

اعلم أنَّ استصحاب الحال اسمٌ عامٌّ جامع يدخل فيه أنواع كثيرة، وهو في الأصل نوعان:

أحدهما: الاستصحاب في أعيان الأحكام وأشخاصها وأنواعها، التي لا تختلف إلا بالعدد، بحيث يكون المشكوك في وجوده أمرًا شخصيًّا لا يُسْتَدل على ثبوته وانتفائه بالأدلة الشرعية، كما إذا تيقَّن طهارةَ هذا الثوب أو البدن، أو تيقَّن نجاسته، أو تيقَّن الحدث وشكَّ في الطهارة، أو ثبتَ أنَّ الملك لزيدٍ وأنَّ الدَّيْن على عمرو، وإبقاءُ ما كان على ما كان مما أجمعَ عليه العلماء، بل العقلاء كلُّهم، فإن أمور الدين والدنيا إنما تتمُّ بالتمسُّك بالاستصحاب، فإنَّ الإنسان يبعث مالَه في الطرقات، ويَرْكب البحار، ويُرْسِل إلى الأصدقاء الغائبين، ولولا التمسُّك بالاستصحاب لما جاز فِعْل شيء من ذلك؛ لأن جواز التغير ممكن (٢)، نعم فقد تظهر أمارة تدلُّ على تغيُّر الحال، فقد اضطربَ الفقهاء هل يُقَدَّم الأصل أو الظاهر؟ لأن موارد الشريعة ومصادرها انقسمت في ذلك، وإن (٣) كان ترجيح الظاهر أقرب في أكثر المواضع. والضابِطُ عندنا: أنَّ الظاهر إن كانت له دلالةٌ مضبوطة في الشرع كالبيِّنَة والإقرار ونحو ذلك قُدِّم على الاستصحاب، وهو براءة الذِّمَّة.


(١) "الفصول": (ق/١١ أ). وانظر: "شرح المؤلف": (ق/١٠٢ أ- ١٠٤ ب). و"شرح السمرقندي": (ق/٧٨ ب- ٧٩ ب)، و"شرح الخوارزمي": (ق/٩٣ ب- ٩٥ ب).
(٢) تحتمل: "يمكن". وفي سياق الكلام شيءٌ. ولعل صوابه: "لأن حصول التغيّر ممكن".
(٣) الأصل: "فإن".