للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متوقفٌ على وجود أجزائها، فيكون وجودُ [ق ١٣٥] كلٍّ منهما متوقفًا (١) على عدم الآخر، بمعنى أن يكون عدمُه علةً وسببًا لوجوده، أو مقوِّمًا ومحققًا لوجودِه، لأنّ أجزاء الحقيقة هي كذلك، والعلة والمقوَّم (٢) متقدم على المعلول المقوّم تقدُّمًا (٣) ذاتيًّا، فيكون عدمُ كلّ منهما متقدمًا على الآخر تقدّمًا ذاتيًا، ومعلومٌ أن وجود أحدهما مؤثر في عدم الآخر إمّا تأثيرًا ذاتيًّا، أو بجَرَيانِ العادة، فيكون وجودُه متقدمًا على عدم الآخر، فلو كان وجوده متوقّفًا على عدم الآخر توقُّفَ المعلولِ على العلّة لزمَ الدور.

وأيضًا فلو كان عدمُ الضدِّ جزءًا من وجودِ ضدّه لكان عدم الممتنعات جزءًا من الوجود الواجب، وهذا معلوم الفساد بالضرورة.

وأيضًا فلو كان عدم الضدّ جزءًا من الضدّ الآخر، وكلّ حقيقة فلها ضدّ، لكان العدم جزءًا من علَّةِ كلِّ موجود.

والمعترض فرَّ من بعض هذه المحاذير، فكيف يلتزمُها كلَّها، وهذا ظاهر، فتبيَّنَ بهذا أن عمومَ المعنى مواردَ اللفظ وعموم اللفظ مواردَ المعنى ليس واحدٌ منهما (٤) عدميًّا. وهذا إنما أوضحناه لأن بعض هؤلاء الجدليين ادَّعى ذلك.

الجواب الثاني: لو سلَّمنا أنه عدميٌّ فلا فرقَ بينه وبين عموم المعنى موارد اللفظ، والعلم بذلك ينتهي عند تصوره، فما لزمَ في أحدهما لزمَ في الآخر.


(١) الأصل: «متوقف».
(٢) الأصل: «والقوم».
(٣) الأصل: «تقدم».
(٤) الأصل: «منها».