للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعاني. فلو جاز أن يُدَّعَى أن عموم اللفظ لموارد المعنى عدميٌّ (١) جاز أن يُدَّعى أن عموم المعنى لموارد اللفظ عدمي.

ثم الذي يدلُّ على أنه وجودي أن نقيضه (٢) لا عموم ولا خصوص ولا لزوم ولا وجود كما بيَّناه، وهذه المشتقات كلها عدمية، بدليل جواز وصف المستحيل بها، وصفةُ المستحيل لا يجوز أن تكون وجوديةً، للزوم اجتماع النقيضين، ولامتناع وجود الممتنع، وإذا كان أحد النقيضين عدميًّا كان الآخر وجوديًّا.

وأما ما ذكره من كون معناه أن ذلك المعنى لا يُفهَم في غير موارد اللفظ أو لا يكون اللفظ مستعملًا في غير ذلك المعنى، فإن هذه المعاني لازمة وتابعة للأمر الوجودي الذي هو وجود اللفظ حيث يوجد المعنى، كما أن كون المعنى العام يتخلف عن موارد اللفظ وكون اللفظ لا يكون موجودًا بدون المعنى العام أمر عدمي، لكنه لازم عن الأمر الوجودي الذي [هو] عموم المعنى موارد الاستعمال. وهذا شأن كل متلازمين، فإن وجود كلٍّ منهما مستلزمٌ لوجود الآخر، وانتفاؤه محقِّقٌ لانتفائه.

ولا يقال: إن التلازم أمر عدميٌّ، بل هو وجوديٌّ مستلزمٌ لعدميّ، واستلزامه للعدم لا يوجب أن يُجعَلَ هو العدم، ولا يجعل العدم جزءًا من حقيقة، وإلّا لتوقَّف فهمُ الحقيقة على فهم كونِه ضِدًّا لكلِّ ضِدٍّ، وهو مُبطل، ولكان عدمُ كلٍّ من الضدين جزءًا من حقيقة الضدِّ الآخر، ووجود الحقيقة


(١) الأصل: «عدميًّا».
(٢) الأصل: «تقضيه»، ولعل الصواب ما أثبتناه.