وإنما قلنا: إنَّ انتفاء هذا المجموع المركب ثابت؛ لأن الوجوبَ في صورة النقض إن لم يكن ثابتًا فقد انتفى أحدُ الأمرين وهو الوجوبُ هناك، فلا يكون المجموع ثابتًا، وإن كان الوجوبُ ثابتًا هناك، فقد تحقَّق الوجوبُ في الفرع؛ لأن الدليل حينئذٍ يكون قد سَلِمَ عن التخلُّف، والدليلُ السالم عن النقض مما يجبُ العملُ به.
واعلم ــ أرشدك الله ــ أن هذا الكلام أَفْسَد مما قبله وأقبح من وجوه:
أحدُها: أن تغيير الدَّعوى لا يُسمع؛ لأنه إذا ادَّعى الوجوبَ في الفرع بدليلً ذكره، فقد لزمه تصحيحُ دعواه، فإذا انتقل بعد ذلك إلى دعوى مغايرةٍ لها لم يُقْبل؛ لأن الانتقال إلى دليلٍ آخرَ لا يُقْبَل، فالانتقال إلى دعوى أُخرى أولى أن لا يقبل.
ولو قال: هذه الدَّعوى [ق ٢١١] الثانية تُصَحِّح الدعوى الأولى.
قيل له: إن بَقِيت الدعوى الأُولى على حالها لَزِم النقض المذكور، وإن غُيِّرت عن حالها فهو انتقال.
وتحرير ذلك: أنَّ الدعوى الثانية إما أن تكون هي الأُولى في المعنى أو لا تكون، فإن كانت هي الأُولى فقد وردَ عليها ما ورد على الأُولى، سواءٌ تبدَّلَ اللفظُ أو لم يتبدَّل، وإن لم تكن هي الأولى؛ فإما أن يدَّعي الأُولى مع ادعاءِ الثانية، فالنقضُ وارد على الدعوى الأُولى، فيفسد الدليل، وإن كان لا يفسد على تقدير الثانية؛ لأن المعترض إنما يقدح في الأُولى، وإن رجَعْتَ عن الأولى، فقد حصل المقصود وانقطعْتَ عن إقامة الدّلالةِ عليها، فلا