للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستلزمٌ للآخر، أو أحدهما مغاير للآخر لفظًا فقط بلا معنى؛ لأن المقصود بيانُ وجودِ أحدِهما على التقدِيرَين، أو بيان وجود مقصود تحصيل أحدهما. وأما في القِسمَين الأوَّلَيْن فلا يجوز ذلك؛ لأن قسيم الشيء ليس قسمًا منه، والمتلازمان لا يتنافيان. وكثيرًا ما يسلُكُ الجدليون هذا المسلك. وإذا كان كذلك لم يُنْتِج استثناء نقيضِ كلٍّ منهما عينَ الآخر؛ لأن نفي الأعم أو الملزوم لا يصحُّ معه ثبوتُ الأخصِّ اللازم (١)، كما يقال: الشيءُ إمَّا أن يكون ممكنًا الإمكان العام، أو الإمكان الخاص، فإن لم يكن ممكنًا الإمكان الخاصَّ فهو ممكن الإمكان العام، ولا يصحُّ العكس.

والسرُّ في ذلك: أن الترديد في المعنى بين الخاص منفردًا وبين العامِّ مع الخاص، فكأنه قيل: إما أن يكون الإمكان الخاص فقط، أو الخاص والعام. ومعلوم أنه لو قيل كذلك ظهر المقصود. فافهم الفرقَ بين هذه الأقسام وموادِّها وصورِها فإنه نافع في العلوم جميعًا.

واعلم أن التنافي كما يكون بين الأحكام، فإنه يكون بينها وبين الدلائل والعلل، كما يُقال: القولُ بموجبِ هذا الدليل وعدمُ الحكم الفلاني لا يجتمعان، أو كون الوصف الفلاني علة وعدم الحكم الفلاني لا يجتمعان، وذلك لا يخفى على مُحَصِّل.

قال المصنف (٢): (وهو امتناع الاجتماع بينهما في محلٍّ واحد في زمانٍ واحد).

وهو كما قال؛ لأنه يعني بالمتنافيين المتضادَّين، وهما ما لا يجوز


(١) الأصل: «الالزام» ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) «الفصول» (ق/٣ أ).