كما يقال: كلُّ حكمٍ ثبتَ للأعمِّ فالأعم عدم التأثير فيه؛ لأن المعنى العام قد عُلِمَت عِلِّيته باستقلاله بالحكم مع عدم تلك الخصائص، والإضافةُ إلى ما عُلِمَت عِلِّيته أولى، فلو استوت الصورتان في الحكم مع تفاوت المصلحة، لَزِم التعارضُ بين المقتضي للإضافة إلى جميع المصلحة، والمقتضي للإضافة إلى المعنى العام المشترك، وهو على خلاف الأصل. وإذا كان الاستواءُ في الحكم دليل الاستواء في المصلحة، وقد استوى الأصلُ المقيسُ عليه، والصورةُ التي أبداها المعترضُ في الحكم، فقد استويا في المصلحة مع رُجحان أحدهما على صورة النزاع، فقد ترجَّحَ الأصلُ على صورة النزاع، فيمتنع القياسُ لوجود الفارق.
وحاصل هذا: أنَّ المستدلَّ ثبَّتَ رُجْحان الأصل المجهول بمساواته للصورة المعيَّنة الراجحةِ في الحكم.
وقوله: «أو يعين صورةً هي (١) راجحة على صورة معينة، لا يترجَّح المقيس عليها [ق ٢١٩] إذا لم يكن المقيسُ معيَّنًا أيضًا».
هذا إذا لم يكن المقيسُ معيَّنًا، بأن يقول: الحكمُ ثابت في محلِّ الإجماع، فثبت في محلِّ النزاع بالقياس عليه. أو ثابت في صورةٍ من الصُّوَر فيثبت في صورة النزاع قياسًا عليه بالجامع المشترك، ولا يُعَيِّن صورةَ النِّزاع ولا يذكرها، لئلَّا يتمكَّن المعترِضُ من الكلام.
(١) الأصل: «هي صورة» والمثبت من «الفصول»، وقد تقدم نقله على الصواب (ص ٣٨١).