للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهما قابلان للنَّماء، فكنزُهما صرفٌ لهما عن الحكمة التي خُلِقَا لها، فلا يُبْطِل حقَّ الله تعالى.

ويتفاضَلان في هذا الكلام وغيره حتى يظهر حُجَّةُ أحدِهما: إما بشهادة النصوص أو الأصول لرجحان اعتباره، أو لاعتضاده بأقوال الصحابة، وهو خطبة عثمان المشهورة (١) وغير ذلك، وهما (٢) جاريان في الاستدلال سؤالا وجوابًا على شروط الجدل المستقيم المبني على أصولِ الفقه الصحيحة.

فأمَّا بعد تسليم التلازم فإنه يلزم من الوجوب على المدين الوجوبُ على الفقير، واللازم منتفٍ فينتفِي الملزوم، وهو المدَّعَى كما قال، لأنَّ عدمَ الملزوم من لوازِم عدم اللازم، بمعنى أنه إذا عُدِمَ اللازمُ لَزِمَ عدمُ أشياء، منها عدم الملزوم كما مرَّ تقريرُه، وعدم اللازم متحققٌ، وهو عدم الوجوب على الفقير، وهذا المعدومُ ملزوم لعدم اللازم الأول، وهو الوجوب على الفقير، فإذا تحقق العدم الملزوم تحقَّق العدمُ اللازم.

فهذا التلازم الثاني جارٍ في كل ملازم، وهو نوعُ تطويلٍ وتكريرٍ، لأنه قد تقدم أنَّ وجود اللازم وعدمَ اللازم إذا تحقَّق تحقَّق [وجود الملزوم و] (٣) عدمُ


(١) يعني خطبته وهو محصور في القصر يستنشد الصحابةَ، ويذكر فضائلَه، فأنشدَ له الناس وأجابوه. أخرجه أحمد (١/ ٤٧٨ رقم ٤٢٠)، والترمذي برقم (٣٦٩٩)، والنسائي (٦/ ٢٣٦)، وابن خزيمة (٢٤٩١ - ٢٤٩٣) وابن حبان رقم (٦٩١٦). قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب" وصححه ابن خزيمة وابن حبان.
(٢) في الأصل: "وهي".
(٣) زيادة ليستقيم السياق.