للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تبيِّن أن هذا القياس من الأقيسة الجلية. وهذا لأنَّ القياس الجلي مثل ما تكون علتُه منصوصةً، أو يكون في معنى الأصل، أو أولى منه بالحكم، إما أن تكون دلالته سمعيةً أو عقليةً ظاهرةً لا تتوقف على كثير بحث ونظر، ولهذا يشترك فيه العلماء والعامة، فجرى مجرى النص، فإن التخصيص به تخصيص (١) بالنص. أما الخفي مع كثرة تطرق الخطأ إليه، فإذا أطلق الشارع لفظًا عامًّا ظاهرًا في العموم، وأراد منّا أن لا يُعمَل به في بعض الصور، لأن في بعض الأحكام معانيَ خفية إذا استنبطت فُهِمَ منها عدمُ إرادة تلك الصور= كان ذلك شبيهًا بالتلبيس والتدليس، وهو غير جائز على الشارع، ومتى جوَّزنا ذلك لم نَثِقْ بمقتضى شيء من العمومات والظواهر.

الرابع: سلّمنا جواز التخصيص بكل قياس، لكن لا بدَّ أن يكون القياس صحيحًا، فإن الإجماع منعقدٌ (٢) على امتناع تخصيصه بقياس فاسدٍ، فعليك أن تُبيِّن صحةَ القياس، وإنما تتبين صحة القياس إذا ثبتَ اشتراكُ الأصل والفرع في الموجب للحكم في الأصل.

قوله: «لأن التخصيصَ ثمة إنما كان لدفع ضرر وجوب الرجم بالمناسبة، إلى آخرِ ما مرَّ في فصل القياس سؤالًا وجوابًا».

قلنا: لا نُسلِّم أنه إنما كان لدفع الضرر. وأما المناسبة التي ادعاها فلم يُبيِّنها، ونحن نُبيِّنها لنكشِف سِتْرَها، وذلك أنه يقول: دفعُ الضرر مناسبٌ لعدمِ الوجوب، بمعنى أنه يَحسُن في نظر العقلاء أن يُضافَ أحدُهما إلى الآخر ويُنسَب إليه، لأن دفعَ [ق ١٢٢] الضرر أمرٌ مطلوبٌ، وعدم الوجوب


(١) الأصل: «تخصيصًا».
(٢) الأصل: «ينعقد».