طريقٌ صالح له، وإذا رأينا مباشرةَ الحكيم الطريقَ الصالح لتحصيل أمر مطلوب، يغلبُ على ظننا أنه إنما باشره لأجل ذلك المطلوب. فلو رأينا الشرع قد منع الوجوب في صورة التخصيص، ورأينا هذا المنع طريقًا إلى دفع الضرر عن المرجوم، غلب على ظننا أنه إنما فعل ذلك لدفع الضرر، فيكون عدمُ الوجوب مضافًا إلى دفع الضرر، وصورةُ القياس يحصل فيها ضررٌ بتقدير وجوب الرجم، فيكون دفعه علةً لعدم الوجوب، فينتفي الوجوب لإرادة دفعه. هذا تقريره، وهذا أفسد مما ذكره في فصل القياس، ويتبيَّنُ فساده من وجوه:
أحدها: لا نسلِّم أن التخصيص إنما كان لدفع الضرر، وذلك لأنّ دفع الضرر أمر مانع من الوجوب، والتعليل بالمانع يعتمد قيام المقتضي، لأنه إذا كان المقتضي منتفيًا كان انتفاءُ الوجوبِ لانتفائه، وإذا كان لانتفائه لم يكن لوجود المانع، لئلا يتوارد على المعلول الواحد بالعين علَّتانِ لا تستلزم إحداهما الأخرى، فإن ذلك لا يجوز. وإذا كان التعليل بالمانع يعتمد قيام المقتضي في الأصل، فعليك أن تُبيِّن قيامَ المقتضي في صورة التخصيص، وأنت لم تُبيِّن ذلك، فلا يكون التعليل بالمانع مقبولًا.
الثاني: أن الحكم في الأصل معلَّلٌ بعدم المقتضي، لأنَّ المقتضي لوجوب الرجم الزنا المعتبرُ بشروطه، بالمناسبة الصحيحة بالدوران، بل بالنص والإجماع، وصورة النقض لم يثبت فيها المقتضي، لأن ثبوته إنما يكون بطريقه الشرعي، وشهادةُ الكفار والفسَّاق ليست طريقًا شرعيًّا. وإذا كان معللًا بعدم المقتضي لم يعلَّل بوجود المانع، وهذا منعكس في الفرع، فإن المقتضي وهو الزنا قائم فيه، لأن التقدير ما إذا ثبتَ زناه بإقراره أو ببينة، وإنما الكلام في كون كفره مانعًا أو إيمانه شرطًا.