للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال: دفعُ الضرر عمن لم يَزنِ مناسبٌ لعدم وجوب الرجم، وإنما اندفع (١) الرجمُ للضرر فيه.

قلتُ: عدمُ الوجوب يكفي فيه عدم المُوجِب، ولا يُحتاج في عدم الوجوب إلى إفضائه إلى دفع الضرر.

الثالث: قوله: «التخصيص ثَمَّ إنما كان لمناسبة دفع ضرر وجوب الرجم مع عدم الإيجاب في صورة النقض».

قلنا: لِمَ قلتَ: إنه كان كذلك؟ فإن قال: لأني وجدتُ هذا الوصفَ مناسبًا للحكم، فيغلبُ على الظن إضافته إليه، قلنا: إنما يفيد غلبةَ الظن إذا لم يزاحمه وصفٌ آخر لم يكن اعتقاد موجبية أحدهما بأولى من الآخر، أو بأولى من اعتقاد موجبيتهما. وفي صورة النقض كما أن دفع الضرر [ق ١٢٣] مناسب لعدم الإيجاب، فشهادة الفاسق مناسبة للتوقف فيها وعدم الحكم، كما دلَّ عليه قوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦]، لأنه لا يُؤمَنُ عليه الكذبُ أو المجازفة، ولا يستأهل أن يُنصَب منصبَ الائتمان على الدماء والأموال والفروج، وينفذ قولُه في غيره، لأن التوقف عما لا يُعلَم حقيقته أمرٌ مطلوبٌ في نظر العقلاء، فإذا رأينا الشارع قد أمر الحاكم بالتوقف عن الحكم بشهادة الكفار والفساق، غلبَ على الظن أنه إنما أمر بذلك لكونه مظنة الكذب (٢) أو مستحقًّا للاستخفاف والإهانة، لأن ذلك طريق صالحٌ لتحصيل هذا الغرض، وإذا كان هذا الوصف مناسبًا لم يجز


(١) الأصل: «الدفع».
(٢) بعده في الأصل كلمة غير واضحة لعلها: «البيّن».