بعدم ما يوجبُ شهرًا ثانيًا، وما يوجب صلاةً سادسة تُساوي الخمسَ، وما يوجب أكثرَ من الزكاة المفروضة، أو حجّ بيتٍ آخر= قَطَعْنا بعدمِ الوجوب. وإن كان مَدْرَك النفي ظنِّيًّا كان الظنُّ بحسب مَدْركه.
ويُبْنَى على هاتين الطريقتين: أنَّ النافي للحكم هل عليه دليل أم لا؟ والمسألةُ لفظية، والمشهورُ أنَّ عليه دليلًا كالمثْبِت؛ لأنه يمكنه التمسُّك باستصحاب الحال، أو بعدم الأدلة الموجبة.
وقيل: ليس عليه، بناءً على أنَّ الأصلَ عدمُ ما يُثبته، والأصل النَّافي ليس بدليل.
وقيل: عليه الدليل في العقليَّات دون الشرعيَّات؛ لأن الشرعيَّات لا يجوزُ ثبوتها إلا بدليل؛ لأن إثباتها من غير دليل تكليفٌ لما لا يُطاق، بخلاف العقليَّات، فإنه ليس في ثبوتها بغير دليل ضررٌ؛ لأنَّا لسنا مكلَّفين بنفي كلّ ما لا نعلم ثبوتَه من الأمور العقليَّة، وقد علمتَ بهذا التوجيه (١) أنَّ الخلاف لفظيٌّ.
ومما يتَّصل بذلك: جوازُ نفي الشيء لانتفاء دليل ثبوته، فزعم من لا يقول بالاستصحاب: أن هذا ليس بدليل؛ لأن مبناه على عدم العلم.
وذهبَ كثيرٌ من المتكلِّمين أن ما لم يقم عليه دليلٌ من الأمور الدينية يجبُ نفيُه؛ لأنَّ التكليفَ بدون الدليل مُحال، فَعَدَمُ دليلِ ثبوتِه دليلُ عدمِ ثبوتِه.
والذي عليه الفقهاء وعامة المحقِّقين: أن الأحكام الشرعية مثل