للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإيجاب أو التحريم، يجبُ نفيها لانتفاء دليل ثبوتها؛ لما ذكرناه من طريقتي الاستصحاب، وامتناع ثبوت الحكم بدون دليل.

وأما الأمور الحقيقيَّة (١) مثل صفات الباري ونحو ذلك، فلا يجوز نفي شيءٍ منها، لعدم ما يدلُّ على ثبوته، لجواز أن يكون ثابتًا من غير دليل يدلنا على ثبوته، ولا يمتنع ذلك إذا لم نكن مكلَّفين باعتقاد ثبوته أو نفيه، وليس الأصلُ عدمَه حتى يُتَمَسَّك فيه بالأصل النافي، إذ ما وجبَ قِدَمُه امتنع عَدَمُه، ولأن التمسُّك بالاستصحاب في الاعتقادات ليس بجائز.

ومما يتعلَّق بالاستصحاب، أن الأمور على قسمين:

أحدهما: ما علمنا أنه كان معدومًا في الأزل، فهنا يجوز الاستدلال على بقاء عدمه باستصحاب الحال.

والثاني: ما لم يُعْلَم [ق ٣١٧] أنه كان معدومًا في الأزل، فهنا لا يجوزُ التمسُّك (٢) بالأصلِ النافي واستصحابُه؛ لأن ما لا يُعْلَم عدمُه يجوز أنه كان موجودًا، ويجوز أنه كان معدومًا، ولا رُجحان لأحد الطرفين على الآخر. وبعضُ الناس قد يتمسَّك بالأصل النافي في نحو هذا، والصوابُ الأول، إلا إذا استدلَّ على نفي اعتقادنا ثبوتَه، وكان الغرض يحصل بذلك، فهنا يُقال: الأصلُ عدم علمنا بوجوده، ولم يقم ما يدلُّ على وجوده، فيجب استصحاب حال هذا العدم.

إذا عرفت استصحابَ الحال؛ فعبارةُ المناظر تختلف في صَوْغه،


(١) كذا ولعلها: "العقدية"؛ لأن الكلام الآتي عليها.
(٢) بعده في الأصل: "هنا"، ولا مكان لها.