للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا؛ فينبغي في المثال الذي ذكرناه أن يدَّعي إرادةَ تحريم بيع الكيل بالكَيْلَين أو الرطل بالرطْلَيْن من كلِّ مال متماثل، ثم نعين ذلك إذا منع.

أو نقول: نعني به ما لا يُغاير صورةَ النزاع في الوصف؛ لأن ما ذكرناه لا يغاير صورةَ النزاع في الوصف، بخلاف بيع البطيخة بالبطيختين، والخيارة بالخيارتين، فإنه يغاير صورةَ النزاع في الوصف، وهذا معنى قوله: «ولا يمكن الخصم أن يقول بمثل ما قلنا».

لكنَّ الاعتراض في الحقيقة لا يندفع بهذا، إلا أنَّ الخصمَ يقول: هب أن الذي تعنيه (١) ما يستحيل انفكاك الحكم في صورة النزاع عن إرادته، أو ما لا يغاير صورةَ النزاع في الوصف، لكن وجه الدلالة فيه: أنه شيء يلزم منه الحكم في صورة النزاع، وأنَّه مراد، وأنا معي شيءٌ يلزمُ منه عدم الحكم في صورة النزاع، وهو مراد، فافتراقهما بعد ذلك بأنَّ أحدهما لا ينفكُّ عن الحكم، أو لا يغاير صورة النزاع= افتراقٌ في شيءٍ لا تأثير له وجودًا ولا عدمًا، فلا يصلح جوابًا للمعارضة ولا ترجيحًا، وهذه المعارضة تدفعُ أصلَ الاحتجاج بجواز الإرادة؛ لأنه يلزم منها مثل هذه النقائص.

وقد اختلف الناس في آية الربا والبيع هل هما من قبيل العمومات والظواهر، أو من قبيل المجملات؟ فمن سلك المسلك الأول يجوِّز الاحتجاجَ بعمومها، ومن سَلَك الثاني لا يُجَوِّزه، ولولا أن كان ذكر (٢) هذه الآية على سبيل المثال؛ لبينَّا وجوهَ الاستدلال الصحيح منها والاعتراض عليه والجواب عنه.


(١) تحتمل غير هذه القراءة.
(٢) غير بينة، ولعلها ما أثبت.