القرينة الثانية: أن المؤلف لابدّ أن يكون عاش في الفترة مابين سنة ٦٨٧ (تاريخ وفاة النسفي) و ٧٥٩ (تاريخ نسخ المخطوط). وشيخ الإسلام قد عاش في بعض هذه الفترة.
القرينة الثالثة: أن موضوع المخطوط الذي وجدناه الرد على الجدليين ونقض مذهبهم، فبحثنا عمن ألَّف في هذه الفترة ردًّا على أهل الجدل المحدَث ــ الذي عُرف بـ «الجُست» كما شرحناه في مقدمة الطبعة الأولى (ص ٤٠ - ٤١) وناقشهم فيه وبيَّن بطلان طريقتهم وزَيْف قواعدهم، فلم نجد بعد طول بحث وتقَصٍّ أحدًا من العلماء ردّ على هؤلاء الجدليين غير شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه المسمَّى «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل بالباطل» وقد علمنا أن هذا الكتاب رد على الجدليين المحدثين من عنوانه الواضح، ومن قوله في مقدمة الكتاب التي حفظها تلميذه ابن عبد الهادي في ترجمة شيخه:(ص ٤٩) قال: «ثم إن بعض طلبة العلوم من أبناء فارس والروم صاروا مولعين بنوعٍ من جدل المموهين استحدثه طائفة من المشرقيين وألحقوه بأصول الفقه في الدين .. ».
وهذا النوع من الجدل المحدَث هو الذي أشار إليه شيخ الإسلام بقوله:«وفي ذلك الوقت ــ أي سنة ٦١٥ ــ ظهرت بدع في العلماء والعُبَّاد؛ كبحوث ابن الخطيب، وجست العميدي، وتصوف ابن العربي ... »(١).
وزاد الأمر وضوحًا ما قاله شيخ الإسلام قال: «ومثل هذه الأغلوطات من المسائل يسلكها أهل اللدد في الجدل في أمر الدنيا والدين في الأصول والفروع، من جنس الأغلوطات الذي ابتدعه العميدي السمرقندي في مثل