للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعمِّ، وهنا حيثُ عُدِمت المساواة في اللزوم عُدِمَ الوجوبُ على الفقير.

واعلم أنّي إنما نبَّهتُ على فسادِ هذه النكت لأنها مما اعتمدَ عليه بعضُ هؤلاء المموِّهين المغالطين من الجدليين، فإنه بها وبأمثالِها من الكلام الذي لا حاصلَ له يَزعمون أنهم يُثبِتُون ما شاءوا من الدعاوي، وهو كما تراه، فإن هذه النظوم الثلاثة يمكن أن يقال في أيّ تلازم ادَّعاهُ المدَّعي. أما إذا ادَّعى لزومَ عدمٍ أمكنَه تغييرُ العبارة. ولولا أنه ليس هذا موضعَ الاستقصاءِ في إفسادِ خصائص النكت المموَّهة، وإنما الكلام في عمومِ هذه الصناعة التمويهية، لوَسَّعْنا القولَ في ذلك.

والضابطُ في ذلك تحريرُ كلام اللَّبْسِ، وإخراجُ اللفظ المشترك عن (١) الاشتراك إلى الإفراد، والتعبيرُ عنه بعبارةٍ ليس فيها اشتراكٌ ولا حَشْوٌ. وحينئذٍ يتبيَّنُ موضعُ المنع الذي لا يمكنه الجوابُ عنه إلّا بالرجوع إلى الأدلة العلمية، وهو في كلّ مادةٍ بحسب ما يليق بها.

أما دليلٌ عامٌّ يثبتُ به كلّ تلازمٍ فقد عَلِمَ كلُّ عاقلٍ بالاضطرار أنّ هذا باطلٌ، وهو مع بُطلانِه عن الفائدةِ [ق ١١] عاطلٌ، وهو مع خُلوِّه عن الفائدة متعارضٌ متقابلٌ. فإنّ عامَّة هذه الأدلة العامَّة التي يُثبتونَ بها التلازمَ يُمكِن الاعتراضُ بها بعينها على بطلان التلازم، بأن يُجعَل نقيضُ اللازم لازمًا لعين الملزوم، أو عينُ اللازم لازمًا لنقيضِ الملزوم، وهو قلبٌ للدليل، أو لازمُ اللازمِ لازمًا للازِم نقيضِ الملزوم، أو الملزومُ ملزومًا لملزوم نقيضِ اللازم، أو ملزومُ اللازم ملزومًا لنقيض الملزوم، أو لازمُ الملزومِ لازمًا لنقيضِ اللازم. إلى غير ذلك من التراكيب التي تُناقِضُ صحةَ التلازم، ولولا الإطالةُ


(١) الأصل: "على".