للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعريضُه للحاجة إلى الناس وغير ذلك من المفاسدِ المشهود (١) لها بالاعتبار في صُور عدم الوجوب، فإذا انقضت عِلِّية صور (٢) الوجوب قال: التخلُّف هناك لمانع، وهو المقتضي للوجوب.

فيقال له: هذا يلزم منه التعارُض بين المقتضي والمانع، ويُسَاقُ الكلامُ إلى آخره، وهو قوله: «ولا تفاوت في التوجيه».

واعلم أنه إن كان الدليل على صحة القياس عامًّا فهو فاسد؛ لأنه معارَضٌ بمثله أيضًا، وهو أن يقاس الفرع على صورة النقض بجامع خاصٍّ مدلولٍ على علِّيَّته بدليل خاص، لكن هذه المعارضة لا تُخرج القياسَ عن أن يكون دليلًا صحيحًا؛ لأنه (٣) الدليلُ الدالُّ على صحة الجامع بين الفرع وصورة النقض، لكن هذه معارضة بدليل آخر، كما لو عارضه بالقياس على أصلٍ آخر غير صورة النقض، أو بالقياس على أصل المستدل إما بعلِّيَّة أو بغير عِلِّيَّة، ومنه القلب، أو عارَضَه بعموم أو مفهوم، ونحو ذلك، وحينئذٍ فيحتاج المستدل إما إلى إفسادِ ما عارضَ به المعترض، أو إلى ترجيح دليله على دليله، ومتى لم يطعن فيما عارضَ به المستدل ولم يرجِّحْه كان منقطعًا.

وأما الدليلُ العامُّ فإنه بعينه يدلُّ على الشيءِ ونقيضِه، فيعلم أنه في نفسه باطل؛ لأن الحق لا يستلزم النقيضين، فمتى رأينا الشارع قد أثبتَ الوجوب في بعض الأموال، ونفاه في بعض الأموال، ثم تنازعنا في مالٍ ثالث؛ فمَن أَلحقه بصورة الإيجاب بمعاني يشترك فيها عموم الأموال كان بمنزلة من


(١) الأصل: «والمشهود»، ولعل الصواب حذف الواو.
(٢) تحتمل قراءتها: «تصور»، أو «بصور».
(٣) الأصل: «لأن».