للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[و] مثل الأعمال المبتدعة التي استحدثَها بعض المتعبدين، وحسبوا أنها مصلحة لرضوانِ الله وقُربهِ وثوابه. ومثل العقائد والكلمات المبتدعة التي أحدثَها بعضُ المتكلمين، وحسبوا أنها مصلحةٌ لتحقيق الأمور وإدراك الحقائق، أو أنها هي الحقُّ في نفس الأمر.

وإن لم نَجِدْ شيئًا يَشهد لتلك المصلحة سمينَاها مصلحةً مرسلةً ومناسبةً مطلقةً، إن شَهِدَ لها أصلٌ كلّي من أصولِ الشرع، ولم يُغيِّر شيئًا من التفاصيل المشروعة، بَنَينا الأحكام عليها، وإلّا (١) توقفنا عن الحكم.

واعلم أن المناسبة لها ثلاثة أركان:

أحدها: اقتران الحكم بالوصف المناسب، وشهادة الشرع له بالاعتبار، حتى لا يكون مناسبةً مرسلةً.

والثاني: أن يُعلَم أن الشيء حكمةٌ ومصلحةٌ (٢) في نفس الأمر وفي نظر الشرع، لأن اعتقاد كون الشيء حكمةً ومصلحة بمنزلة اعتقاد كون الفعل حلالًا وحرامًا وواجبًا، إذ لا فرقَ بين [قولنا:] هذا الفعل حرامٌ، إذا فعله الفاعل تعرَّض للعقاب، وحَسَنٌ إذا فعلَه حصَل له ثواب؛ وبين قولنا: هذا الأمر مصلحة ومنفعة للخلق في دنياهم وآخرتهم، أو هذا الأمر مفسدةٌ ومضرةٌ على الخلق في دنياهم وآخرتهم، وإلّا فكم من يعتقد المصالح مفاسدَ والمضارَّ منافع، ويسمون هذا المعنى التأثير، فيقولون: هذا المعنى ... (٣) فيه الوصف الذي


(١) الأصل: «ولا».
(٢) الأصل: «ومصلحته».
(٣) هنا كلمات غير واضحة في الأصل.