للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للقياسِ صوابًا، وإذا كان صوابًا لم يكن القياس حجةً على هذا التقدير، لأن ترك الحجة الشرعية ليس بصوابٍ، فعُلِمَ أنه ليس بحجة.

وأيضًا [ق ١٢١] فإن الله سبحانه يقول في كتابه العزيز: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩]، والمتنازعان إذا احتجَّ أحدُهما بعموم والآخر بقياس، فعليهما أن يردّاه إلى الله والرسول، والعموم كلامُ الله وكلام رسوله، والرد إليه يُوجِبُ إحقاقَ قولِ المحتجّ به وإبطال قول [الآخر] (١).

وأيضًا فإن العموم كلام الله أو الرسول، ودالٌّ بنفسه على مقصود الشارع، ومرادُه لا يتوقف على ثبوت الحكم في الأصل ثم على استخراج العلة ثم على ثبوتها في الفرع (٢)، وذلك إنما يُعلَم باجتهادنا واستنباطنا، والخطأ سريعٌ إلى أهل الاستنباط، فوجبَ تقديمُ ما يَبعُد عن الغلط على (٣) ما يقرب إليه.

واعلم أن هذه الأسولة وإن كان لها غَورٌ وفيها كلام طويلٌ، إلا أن القصدَ هنا إيرادُ سُؤالٍ متوجهٍ من هذه الجهة، وإن كان يمكن أن يكون عنه أجوبةٌ صحيحة، فإن مثل هذه الأسولة أفتَحُ لباب الفائدة من الأسولة المعوجَّة المعكوسة.

الثالث: سلَّمنا جوازَ تخصيص هذا العموم بالقياس، لكن بأيّ قياس؟ أبالقياس الجلي أو بمطلق القياس؟ الأول مسلَّم، والثاني ممنوع (٤)، فعليك


(١) هنا كلمة مطموسة في الأصل.
(٢) الأصل: «الشرع».
(٣) الأصل: «إلى».
(٤) الأصل: «الأول ممنوع والثاني مسلَّم» والصواب ما أثبتناه.