ذكرناه ــ فلا بدَّ من أن يكون عنده ما يعترض به عليه، لئلا يلزم نَفَاق الأقيسة الفاسدة.
قال المصنف: الاعتراض عليه أنَّ يُعَيِّن السائل صورةً هي راجحة على صورة النزاع، ويقولون (١): المقيس عليه يساوي تلك الصورة، لاستوائهما في الحكم.
مثاله: إذا قاسَ الوجوبَ في الحليّ على صورة من [ق ٢١٨] صور الوجوب، قيل له: الوجوب ثابتٌ في الماشية، وهي راجحة على الحليّ؛ لأنها مال نامٍ بنفسِه، لا مؤونةَ على صاحبه، ولا هو مُعَدٌّ للانتفاع بعيِنه على وجهٍ تنقصُ الزكاةُ منفعتَه، وهذه الصورة راجحة على صورة النزاع، فإن الحُليّ ليس بنامٍ بنفسه، وهو مُعَدٌّ لمنفعةٍ مباحةٍ، متى أُخرجت منه زكاة نقصت منفعتُه، والأصل المقيس عليه مساوٍ لهذه الصورة المذكورة لاستوائهما في الحكم وهو الوجوب، والاستواءُ في الحكم دليلُ الاستواءِ في المصلحة؛ لأنه لو كانت هذه الصورة راجحة على الأصل، فإما أن يكون ذلك الرجحان معتبرًا أو غير معتبر، فإن لم يُعتبر لزم إلغاءُ المصالح وإهدارُها، والشارعُ حكيم لا يهتك المصالح، وإن كان معتبرًا فإما أن يفيد ذلك الحكم بعينه أو أَزْيَدَ منه، فإن كان الأول لزم تعليل الحكم الواحد بالعين بعلتين، وهو غير جائز. وإن أفاد أزْيَد منه لزم الاختلاف في الحكم، ونحن نتكلَّمُ على تقدير الاستواءِ في الحكم، ولأن الحكم الموجود في صورٍ كثيرةٍ مشتركةٍ في معنًى مناسب يُضاف إلى ذلك المعنى الخاص، دون