للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن دورانه معه ليس اتفاقيًّا، لأن الاتفاقي لا يكثُر ولا يدوم، فلا بدّ أن يكن لزوميًّا، والشيء لا يلازمُ الشيءَ إلّا أن يكون علةً أو معلولَ علةٍ واحدةٍ، وإلّا فلو فُرِض عدمُ الاقتضاء بينهما كان اتفاقيًّا. فدروان أحدهما مع الآخر يقتضي أن يكون المدارُ شيئًا يستلزم المدار عليه للآخر، وذلك يفيد في الجملة أن المدار وما هو ملازمٌ له هو العلة، ثم التمييز بينهما يكون بصلاح أحدهما للعلة دون الثاني.

قال الجدلي (١): (ولئن قال: وجوب الكفارة كما دارَ وجودًا وعدمًا (٢) مع الهتك، فكذلك دارَ مع الوِقاع وجودًا وعدمًا، ومتى كان الوقاع مدارًا لا يمكن أن يكون الهتكُ مدارًا وجودًا وعدمًا، وإلّا (٣) يلزم اجتماع النقيضين، وهو الوجوب مع العدم فيما ذكرتم من الصورة).

اعلم أن هذا سؤالٌ صحيح (٤)، فإن الجماع إن كان هو المدار لزم عدمُ الكفارة عند عدم الجماع، وإن كان المدار إفساد الصوم على الوجه المذكور لزم إثبات الكفارة مع عدم الوقاع، وذلك جمعٌ بين النقيضين. ولم يُجَبْ عنه جوابٌ صحيح.

قال (٥): [ق ٤٨] (فنقول: نحن لا ندّعي المداريَّة (٦) وجودًا في فصل


(١) «الفصول» (ق ٤ أ).
(٢) «وجودًا وعدمًا» ليست في «الفصول».
(٣) في الأصل: «ولا»، والتصويب من «الفصول».
(٤) الأصل: «صح».
(٥) «الفصول» (ق ٤ أ).
(٦) في الأصل: «المدار به» تصحيف.