للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقاع على التعيين، بل ندّعي في كلّ صورةٍ من صور الوجوب أولًا. والدورانُ على هذا التفسير لا يدلُّ إلّا على مداريَّةِ (١) الهتك وجودًا وعدمًا).

اعلم أن المستدلّ إنما أجابَ بهذا لأنه إذا ادَّعَى مداريَّة الإفساد في كل صورة من صور وجوب الكفارة من غير تعيين فصل الوقاع، فإن الهتك موجود فيها كلها، والوجوب معه، لأن تلك الصور إما صور الوقاع أولًا أو الأكل، والهتكُ متحقق فيها. والمعترض لا يمكنه أن يدّعي مداريَّةَ الوقاع في كل صورةٍ من صور الوجوب، لأنه يحتاج أن يقول: تلك الصور هي صور الوقاع، وهذا دعوى، لأن المستدلّ يقول: لا أسلِّم الخطأ والوجوب في صور الوقاع، بخلاف المستدل فإنه لم يدَّعِ أن صور الأكل من صور الوجوب، وإنما قال: لا يخلو إما أن يكون أو لا يكون، وبكلّ حالٍ فالهتكُ والإفساد موجودٌ فيها، ولهذا أمكنَ المستدلَّ دعوى مداريَّة وصفِه في صور الوجوب، ولم يُمكنِ المعترضَ ذلك.

هذا تقرير (٢) كلامِهم، وهو باطلٌ من وجوهٍ:

أحدها: لا نُسلِّم تحقُّقَ مدارِه في صور الوجوب. وقوله: «تلك الصور إما صور الوقاع والأكل والشرب» غير مسلَّم، فإن مطلق الإفطار من صور الوجوب عند مالك، والجماع المانع من صور الوجوب عند أكثرهم، والجماع الثاني وجماع الناسي من صور الوجوب عند أحمد. فدعوى الخصم غير مقبول، كما لم يقبله من المعترض لما ادَّعاه في صور الوقاع.


(١) في الأصل: «مداراته» تصحيف.
(٢) الأصل: «تقدير».