للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن يقال: هَبْ أنك ادعيتَ المداريَّةَ في جميع صور الوجوب، لا في صورة الوقاع على التعيين، لكن لم تأتِ على هذه الدعوى ببينة، فلا تكون مقبولةً. بل هذه الدعوى هي حكاية المذهب، ونَقْل المذهب لا يكون حجةً على صحته. فأنتَ بين أمرين:

إمّا أن تدَّعي المداريَّة في الوقاع بعينه، فيُعارَض بمدارية الوقاع المفطر، وبمدارية الوقاع الهاتك، وبمدارية الإفطار المطلق.

وإما أن تدَّعي المدار في جميع الصور التي تدَّعي الوجوب فيها، فيُطَالب بالدليل على صحة الدوران، وهو وجود الوجوب مع المدار وعدمه مع عدمه، ولا يقدر على ذلك إلّا بإقامة الدليل على صحة الدعوى، وذلك مصادرةٌ على المطلوب وتطويلٌ للكلام، واستدلالٌ [ق ٤٩] بكل واحدٍ من الأمرين على الآخر.

الثالث: أنه إن عَنَى بصور الوجوب ما يثبت الوجوب فيها بنصّ أو إجماعٍ فليس إلا صور الوقاع، وإن عَنَى به ما يدّعي أنه من صور الوجوب فالدوران فيها موقوف على ثبوت الوجوب، فلو أثبت الوجوب فيها بالدوران لزمَ الدَّور.

الرابع: أن المعترض يمكنه دعوى مداره في صور الوجوب، أي الصور التي ثبت فيها الوجوب، وأما ما يدَّعي الخصم أنه من صور الوجوب فلا يجب على المستدلّ بيانُ تحقُّق الدوران فيه بالإجماع، لأن الدوران فيها مجرَّد مذهب الخصم، فلا يكون حجةً له ولا حجةً على غيره، ولو صحَّ ما أمكنَ أحدًا أن يثبت المدار في صورٍ حتى يُسلِّم لخصمه ما يدَّعيه من صور الوجوب، أو يكون دعواه أوسع من دعوى خصمه. ومعلومٌ أن هذا فاسدٌ بالضرورة، لأنه