للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان صفةً ثبوتية للفعل.

والفعل الذي [هو] محلّ الحكم ومتعلَّقه قد يكون على صفةٍ قبل (١) نزول الشرع تقتضي ذلك الحكم، فشَرعَ الشارعُ الحكمَ باعتبار تلك الصفة، كالسُّكْر في الخمر.

وقد يكون حدثَتْ له صفةٌ بعد الشرع [ق ٥٦] اقتضَت ذلك الحكم، كجهاد الكفّار، وبعضهم قال: موجبه التكذيب، وهو متجدد بعد الشرع.

وقد يكون الفعل في نفسِه ليس على صفةٍ، لكن الله لمّا حكمَ فيه بما حَكَم جَعَلَ له صفةً تقتضي الحكم، كتخصيص بعض الأمكنة أو الأزمنة أو الأشخاص أو الهيئات.

وقد يكون الفعل عاريًا عن جميع الصفات المقتضية للحكم، وإنما الحكمة ناشئة من نفس الحكم كما سنذكره، كذبح إبراهيمَ ولدَه، وامتناع قوم طالوتَ من شُرب الماء.

وبيان ذلك أن العبد إذا أُمِر بشيء فلا بدَّ أن يكون له في امتثالِ هذا الأمر مصلحةٌ وفائدةٌ، وأهلُ السنة إن قالوا: يجوز أن يأمر الله المكلف بما لا مصلحةَ له فيه، كما أمرَ إبليسَ بالسجود لآدم، وأمرَ أبا جهلٍ وفرعونَ بالإيمان، فمعنى ذلك أنه يجوز أن يعلم أن العبد يَعصِي بترك الامتثال، ويأمره ولا يُوفِّقه للطاعة ولا يخلقها له، فتكون المفسدة (٢) في المعصية لا في نفس الفعل المأمور به. والذي أردناه أولًا أنه لا بدَّ أن يكون في الأمر


(١) في الأصل: «بل» تحريف.
(٢) في الأصل: «المفسد».