وإن شئت قلت: لا نُسلِّم لزومَ أحدهما، بل يمكن أن لا يكون العدم على التعيين لازمًا، وأنت لم تُثبِت لزومَ أحدهما بعينه. وقد تقدم منعُ التلازم في المقدمة الثانية.
ومثل قول بعضهم: الوجوب على الفقير من لوازم لزوم ما هو مستلزم له على ذلك التقدير، فيكون لازمًا، إذ المستلزم لا يفارق الشرط في اللزوم، وهو ما يناقض العدمَ فيهما، وذلك لأن عدمَ اللزوم لا يخلو من أن يكون شاملًا لهما أو لا يكون، فإن كان شاملًا فظاهرٌ، وإن لم يكن فكذلك، لأن من اللوازم ما يكون مستلزمًا له على تقدير عدم الشمول، وإلّا لكان الشمول من لوازم اللزوم في الجملة، وإنه محال.
وهذا الكلام على تعقيده وقُبْح التعبير به ــ لما فيه من الألفاظ المشتركة الخالية عن قرينة التمييز، ولما فيه من حشْو كلماتٍ لا حاجةَ إليها ــ فهو مع خُلُوِّه عما يُحتاج إليه في البيان واشتماله على ما لا يُحتاج إليه= خالٍ عن الفائدة. وذلك يظهر بتفسيره، وذلك أنه يقول: الوجوب على الفقير لازم من لوازم الشيء الذي يستلزم الوجوب، أي من لوازم كونه لازمًا في نفس الأمر وثابتًا (١)، ولا شك أن الوجوب على الفقير إذا كان من لوازم شيء هو لازمٌ في نفس الأمر كان لازمًا، وذلك أن المستلزمَ للوجوب لا يفارق شرط ما يكون لازمًا به، بل هو لازمٌ له، وشرط اللزوم ما يُناقض العدمَ فيهما، والذي يناقضه هو الوجوب فيهما، ومعلومٌ أن المستلزم للوجوب على الفقير لازمٌ للوجوب عليهما، فيكون لازمًا في نفس الأمر.