للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فلو كان عدم الوجوب على الفقير غير مستلزم للوجوب على المدين لم يلزم عدم الوجوب على المدين، بل قد تكون واجبةً على المدين لا من جهة التلازم، بل من جهة أخرى، فإن نَفْيَ الدليل المخصوص لا يلزمُ منه نَفيُ الحكم، فيجوز أن يكون التقدير وجوبها على المدين دون الفقير، ولا يكون وجوبها على المدين من لوازم العدم على الفقير، بل ثابت بنفسه، واجتماعهما أمرٌ اتفاقي، كجميع الأمور التي هي ثابتة وليس بعضها من لوازم البعض.

وإن عُنِي عدم الوجوب في أحدهما بعينه، فإن أراد الفقير ــ وهو مقتضى كلامه ــ كان التقدير: إما أن يكون عدمُ الوجوب على الفقير لازمًا للوجوب في الجملة أو غيرَ لازمٍ، وحينئذٍ فإن قيل: هو لازم، لم يصحّ قوله: "الوجوب على الفقير يستلزم العدمَ على المدين"، لأن التقدير: العدم على الفقير. وإن قيل: ليس بلازم، فقد تقدم أنه لا يلزم عدم الوجوب عدم (١) المدين.

وإن أراد المدين بطل التلازم الثاني من وجهين.

وإن أراد أحدهما لا بعينه أو أراد مسمًّى قيل: لا يخلو في نفس الأمر: إما أن يدّعي عدمَهما أو عدمَ كل منهما أو عدم [ق ٦] أحدهما بعينه أو عدم أيهما كان، وعلى التقديرات كلِّها فالتلازمُ المدَّعَى باطلٌ. وإنما جاء هذا التلبيس من كون لفظ "العدم" فيه إبهامٌ وإطلاقٌ واشتراكٌ، واللبيب لا يخفى عليه هذا.


(١) كذا، ولعلها: "على".