والتقديران باطلانِ، فيبطل الملزوم وهو عدم الوجوب، فيثبت الوجوب على الفقير على ذلك التقدير.
بيان الأول أنه لا يخلو إما أن يكون الوجوب في الجملة مستلزمًا [ق ٥] للعدم أم لا؟ بيان الثاني أنه لو استلزم الوجوبُ في الجملة العدمَ لكان الوجوب على الفقير مستلزمًا عدمَ الوجوب على المدين، وهو باطلٌ قطعًا، فإنه من المحال أن تجب على الفقير غيرَ مستلزم للوجوب على المدين، وهو باطلٌ أيضًا، إذ التقدير وجوبها على المدين دون الفقير.
وهذا الكلام ركيك، فإن كلا المقدمتين باطلة:
أما الأولى فلا نسلّم لزومَ أحد الأمرين على هذا التقدير، وذلك أن قوله:"العدم" إما أن (١) يُعنَى به عدم الوجوب فيهما، أو في أحدهما بعينه، أو في أحدهما بغير عينه، أو مطلق العدم. فإن عُني به الأول كان التقدير إما أن يكون عدم الوجوب في الصورتين من لوازم الوجوب في الجملة أم لا؟ وهذا مع رِكَّته ظاهر، فإن جوابه أن يقال: ليس من لوازمه، فإن عدم الوجوب في الموضعين يمتنع أن يكون من لوازم الوجوب في أحد الموضعين، فإنه يلزم منه أن يكون الوجوب في صورة ملزومًا لعدم الوجوب في كل صورةٍ، وذلك جمعٌ بين النقيضين. وإذا لم يكن العدم فيهما من لوازم الوجوب بطلت الملازمة الثانية، وهو قوله: لو يستلزم العدم الوجوب لكان عدم الوجوب على الفقير غير مستلزم للوجوب على المدين، فإن العدل إنما هو عدم الوجوب فيهما لا عدمه على الفقير خاصّة، ولا شك أن عدمه عليهما غير مستلزم للوجوب على المدين.