للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نصابًا لأجل دَينٍ عليه بالبراءة الأصلية. وهذا قد انعقد سببُ الوجوب في حقِّه، وإنما التردُّدُ في كون الدين مانعًا من الوجوب، ومعلومٌ أن [ما] هذا سبيله لا يجوز الاستدلال [ق ٢٣٧] على عدم الوجوب فيه بالأصل النافي لوجوه:

أحدها: أنَّ الأصل النافي بطل حكمُه بقيام السبب الموجب، فإن الأسبابَ التي جعلها الشرعُ موجبةً رافعةٌ للعدم الأصلي.

الثاني: أن الأصل النافي كما ينفي الإيجاب ينفي المانع من الوجوب، فيكون دليلًا على عدم الوجوب وثبوته، فلا يصح الاستدلال به على عدمه.

الثالث: أنَّ سببَ الوجوب إذا انعقد وقع وقع الشك في حصولِ مانعٍ من الوجوب، فالاستدلالُ بالأصل النافي على عدم المانع أولى من الاستدلال به على عدم الوجوب؛ لأنَّ الأصل الأول قد وقع الخللُ فيه بتخلُّف الحكم عنه كثيرًا، وبقيام السبب الموجب، والثاني ــ وهو عدم كون الدَّيْن مانعًا ــ محفوظٌ عن الخلل، فيتعيَّنُ أن يكون الأوَّلُ أولى.

الرابع: أنَّ ما ينفي الوجوب قد عارضه السببُ الموجبُ الذي انعقد الإجماعُ على كونه سببًا للوجوب، أما النافي للمانع من الوجوب فلا معارِضَ له، فيكون العمل به أولى.

الخامس: أنَّ النافي للوجوب دليلٌ عَقْليّ، والمقتضي للوجوب أدلة سمعية كثيرة اعتضد بها العقلي النافي للمانع، فيكون أوثق (١) من حيث إن الحكم الشرعي يرجح فيه ما اقتضته الأدلة السمعية على ما اقتضاه مجرَّد الدليل العقلي لو لم يكن معارضًا، فكيف إذا تعارض؟!


(١) تحتمل: «أليق».