للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقْصد الإخبار عن الحكم الشرعي والأمر الديني، تقديره: ليس في دين الله وحكمه أن يتضرَّر أحد، ولا أن يضرَّ أحدٌ أحدًا. وعُلِمَ هذا بقرينة حاله - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّه إنما بُعِثَ لبيانِ الأحكام الشرعية والأمور الدينية، فأما ما يَعْلم كلُّ أحدٍ بحواسِّه فلا حاجة إلى بيانه.

وأيضًا: فإنه قد عُلِمَ أنه لم يُرَد نفي وقوع الضرر، فعُلِمَ أنَّ المراد نفي كونه دينًا وشرعًا، فهو ينفي جوازَه وإباحتَه، والمعنى: لا يُباح ضررٌ ولا ضِرار.

وقوله: «في الإسلام» إن صحَّ يصدِّق هذا المعنى؛ لأن الإسلام هو دين الله. فكأنه ليس في الإسلام ــ الذي هو دينُ الله ــ ضررٌ ولا إضرار، أي: ليس فيه أن يتضرَّرَ أحدٌ، ولا أن يضرَّ به غيره، وما ليس من الإسلام يجبُ إعدامه؛ لأنه لا يجوز الخروج عن دين الإسلام. وعلى هذا التقدير فمعناه معنى النهي، ولا يجوز أن يراد به نفي الأحكام الشرعية التي يحكم (١) بها الشارع ويشرعها، لما سيأتي إن شاء الله.

الوجه الثالث: أنه لا يجوز أن يُراد به نفي الأحكام الشرعية؛ لأن الأحكام الشرعية أمرُ الشارع وكلامه، أو موجَب ذلك، أو خَلْق ذلك بالأفعال، فكل حالة إنما مصدرها ومبدؤها من الشارع، فإن أثبتها ثبتت وإن نفاها انتفت، ليس للمكلَّف فيها فعل، وإنما يمكنه الاستدلال عليها، والفحص عن أسباب علمها، فهو يُبْدِيها لا يَبْتَدِئها، ويُظْهِرها لا يُصْدرها، وبين المُظْهِر والمُصْدِر فرق (٢) أنور.


(١) تحتمل: «يتحكم».
(٢) رسمها في الأصل غير محرَّر!