تحقق التخصيص تحقَّق هذا المعنى، ولا معنى لعمومه موارد التخصيص إلّا هذا.
وإن شئتَ قلتَ: لأنه لو لم يكن ثابتًا لم يثبت لفظ التخصيص، لأن التخصيص على خلاف [ق ١٤٨] الأصل، فهو منفيٌّ بالموجب للعموم وباستصحابِه الحالَ، فلو لم يكن المعنى الذي ذكرناه من عدم الإرادة مع التناول ثابتًا في الموضع الذي يقال له تخصيص ــ إمّا بأن تكون الإرادة حاصلةً أو بأن لا يكون التناول حاصلًا ــ لم يثبت التخصيص للأدلة الدالّةِ على نفيه السالمةِ عما يُعارِضُها. وهذا الجواب يختصُّ بهذا الموضع وما أشبَهه من المواضع التي تكون على خلاف الأصل.
ويمكن أن يُجعَل عامًّا، بأن يقال في كل معنًى يُدَّعى عمومُه مواردَ الاستعمال: اللفظ غير ثابت بدون هذا المعنى بالأصل النافي، لأن الأصل عدم استعمال اللفظ فيما عدا صور هذا المعنى، لأن الاستعمال كان معدومًا، والأصل بقاء ما كان على ما كان. وإذا كان اللفظ غير ثابت بدون هذا المعنى، فحيثُ ما كان اللفظ فقد وُجِدَ المعنى العام، فيكون المعنى عامًّا.
قال:«ولأن أحد الأمرين لازم، وهو إما عدم النصّ العام أو تحقُّق موجبه بالضرورة أو بالنصّ، فإن الحال لا يخلو عن وجود النصّ أو عدمِه».
هذا تقريرٌ ثانٍ لأنَّ المعنى المذكور عامٌّ لموارد الاستعمال، يقول: لأنّ التخصيص غير ثابتٍ بدونِه في نفس الأمر، فهو لازمٌ للتخصيص، فيكون عامًّا له بالضرورة، لأن اللازم عامٌّ لصور الملزوم، وإنما قلنا ذلك لأن أحد الأمرين لازم: إمّا عدمُ النصّ العام أو تحقّق موجبه بالضرورة أو بالنص، نقول: إن الضرورة أو النصّ تحقق أحد الأمرين: عدم العام أو موجب العام،