للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الألفاظ المعروفة بصِيَغِ العموم دالَّةٌ عند تجرُّدِها عن القرائن على الشمول والاستغراق، ولم يُخالِف في ذلك إلّا الواقفةُ والمرجئةُ، مع أن بعض الواقفة خرجَ عنهم في صيغ العموم، وقد قال بعضُ من حرَّر قولَ الواقفة: إن متبوعهم لم يُنكِر صَيغَ العموم، وإنما أنكر أن تُستعمل الظنون في مواضع القطع، وهو إنجاز الوعيد، وهذا أجْدَر (١) أن يُظَنَّ بالعاقل، فإن إنكار أصل العموم كأنه خروجٌ عن عقول العقلاء. وإذا سلَّم أن اللفظ عام لم يُقْبل منه في المباحث الفقهية أن يقول: لا أسلِّم أن العموم حجة، لكن إذا أنكر العموم فعلى المستدلِّ بيان العموم ببيان أن هذه الصيغة من صيغ العموم بالنقل أو الاستعمال وغير ذلك من الطرق. وسيأتي هذا السؤال في قوله: لِمَ قلتم: إن اللفظ تناوله؟ فإنَّه إذا ثبت أن اللفظ تناولَه ثبت العموم، إذ لا معنى للعموم إلّا ذلك.

الثاني: أن يمنع عموم المعنى موارد الاستعمال اسم التخصيص، وهو المقصود هنا، بأن يقال: لا أسلِّم أنَّ عدمَ الإرادة مع تناول اللفظ معنًى يعمُّ صورَ التخصيص، بل جاز أن يكون موجودًا في بعض صور التخصيص دون بعض.

فيقال له: هذا المعنى ثابتٌ في كل صورةٍ من (٢) الصور التي يُستعمل فيها لفظ التخصيص، لأن التخصيص ليس ثابتًا بدونه بالأدلة [المقتضية] (٣) للتخصيص، وإذا لم يثبت التخصيص مع عدمِه فحيثُ


(١) الأصل: «انحدر»!
(٢) الأصل: «بين».
(٣) بياض في الأصل بقدر كلمة.