للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلامُ على مثل هذا في التلازم.

قال المصنف (١): (ولئن قال: لِمَ قلتم بأن التخصيصَ عبارةٌ عما ذكرتم؟ فنقول: بالنقل وعمومه موارد استعمال اسم التخصيص في الشرع).

اعلم أن التخصيص في الأصل مصدر خَصَّصْتُ الشيءَ أُخصِّصُه تخصيصًا، ويقال: خَصَصْتُه أخُصُّه (٢) خصوصًا، واختصصتُه أختَصُّه اختصاصًا، إذا جعلتَه خاصًّا في نفسه أو في اعتقادك واعتقادِ غيرِك، أي عينًا أو علمًا. وكذلك عظّمتُه وشرَّفتُه، أي جعلتُه عظيمًا في نفسِه أو جعلتُه عظيمًا في نفسي، وكذلك كثيرٌ من الأفعال المتعدية. وتخصيصه إفرادُهُ من غيرِه، وله في باب العموم عدةُ معانٍ:

أحدها: أن التخصيص إفراد الشيء بالحكم أو بالذكر، بمعنى أنك لم تَقرِنْ به غيرَه، مثلَ أن تقول: زيدٌ قائمٌ، «الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها من وليِّها» (٣)، و «مَطْلُ الغنيّ ظلمٌ» (٤). فهذا هو التخصيص المبتدأ، لأنك لم تُخرِجه من عموم لفظيّ شَمِلَه وغيرَه. وهذا [ق ١٣٠] التخصيص إن عُلِمَ أنه تخصيصٌ في الحكم فلا كلام، وإن لم يُعلم فهل يدل تخصيصُه بالذكر على تخصيصه بالحكم؟ فيه الاختلاف المشهور بين القائلين بالمفهوم ودلالته والمانعين من الاستدلال به.

الثاني: أن تقول: خصصتُه إذا أخرجتَه من لفظك العام بإرادتك عدمَ


(١) «الفصول» (ق ٦ أ).
(٢) الأصل: «أخصصه» والصواب ما أثبتناه.
(٣) حديث أخرجه مسلم (١٤٢١) عن ابن عباس.
(٤) حديث أخرجه البخاري (٢٢٨٧) ومسلم (١٥٦٤) عن أبي هريرة.