للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تكون لها عبارةٌ عنها كسائر المعاني المشتركة بين الأمم إمّا مفرد أو مركَّبٌ، [و] لكان هذا أولى من التزامِ ثبوت الحال واستعمالِ هذه العبارات.

الخامس: أن الحال إن لم تكن ثابتةً فلا حاجةَ إلى هذه العبارات، وإن كانت ثابتةً فلا بدَّ أن تشتمل العبارات اللغوية على الدلالة عليها، خصوصًا كلام الله وكلام رسولِه وكلام العلماء والحكماء من أمته، فإنه لا يجوز أن يَعْرَى عمّا يبيِّنُ هذه الحقائق، وعلى التقديرين فلا حاجة إلى هذه الألفاظ الغريبة.

فهذا هو الجواب عن كون هذه الألفاظ تدلُّ على الأحوال. وأما قولهم: «تدلُّ على خصوص النسبة إلى الفاعل والمفعول» فإضافةُ المصدر إلى أحدهما يُغنِي عن ذلك، بأن يقول: عِلْم فلانٍ أو العِلْمُ بكذا، أو يقول: كون الشيء عالمًا أو كونه معلومًا.

واعلم أن من حكمة لغة العرب أن لا يُضيفوا هذه المصادر، ويُضيفوا المصادر التي للأسماء، أعني بالإضافة: النسبة بالتأنيث، وهو قولهم: الذكوريّة والعبودية، ولا يقولون: الضَّربيّة والقَتليّة والضاربيَّة والقاتليّة، وذلك لأن ذلك المصدر إنما أُخِذ من الاسم، فكأنه قيل: المعنى الذي به كان العبدُ عبدًا أو الذكر ذكرًا، أو المعنى الذي أوجبَه كونُه ذكرًا وكونُه عبدًا، وذلك المعنى الذي به صار العبد عبدًا هو مقتضٍ لكونِه عبدًا، والمعنى الذي أوجبه كونُه عبدًا هو معلولُ كونِه عبدًا، وكونُه عبدًا هو الحال والصفة المعبَّر عنه بالمصدر، فأُضِيف إلى هذا المعنى كلُّ ما (١) هو لازمٌ وكلّ ما هو تابعٌ له، إما بكونه مقتضيًا له أو بكونه إنما كان من أجله. أما الضرب والقتل فهما


(١) الأصل، «كما».