للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعلم أن رجلًا وقع على امرأته في رمضان فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة، فليس علينا أن نعلم عينَه باسمِه ونسبِه، وكونه طويلًا أو قصيرًا، أو أسود أو أبيض، أو عربيًّا [ق ٢١٦] أو عجميًّا لِعِلْمنا بعدمِ تأثير هذه الصفات. وعلينا أن نعلمَ هل هو مسلم أو كافر، مقيمٌ أو مسافر؛ لاختلاف الحكم باختلاف هذه الصفات.

والثاني: أن يكون المجهولُ من صفاتِه يجوزُ أن يكون مؤثِّرًا، ويجوز أن لا يكون مؤثِّرًا، فهنا إن قام دليلٌ من نصّ أو إجماع (١) على عِلِّيَّة الوصف المعلوم، فلا شكَّ أنه حجة، وإن لم يقم دليلٌ فهذا موضع الخلاف؛ لأن الدوران والمناسبة قد انتظما الصفات المعلومة والمجهولة انتظامًا واحدًا، فلا يمكن إضافة الحكم إلى ما عُلِمَ من صفاته دون ما جُهِل.

وقولهم: إن إثبات عِلَّية المشترك ممكن (٢) بدون التعيين.

قلنا: أما التعيين الشخصِيُّ فليس مشروطًا بالاتفاق، وإنما المشروط التعيينُ النوعيُّ، وهو ما لا تختلف آحادُه بالنسبة إلى ذلك الحكم إلا في العدد فقط. وما ذكروه من صور الاستشهاد، فإنَّا قد علمنا أنَّ الشارب للدواء إنسانٌ، والعلم بهذا كافي، وقد علمنا أنَّ المُعْطَى رجلٌ عالم، وذلك عِلْم بنوعِه، حتى لو فرضنا أن ذلك الرجل يجوز أن يكون فيه صفات مؤثِّرَةٌ من النسب والفقر والصداقة غير العلم لم يُضف الإعطاء إلى العلم.

واعلم ــ أصلحك الله ــ أن التعيين في باب القياس الشرعي لا يُرَاد به


(١) كلمة غير واضحة، ولعلها ما أثبت، وانظر (ص ٣٨٤).
(٢) تحتمل: «يمكن».