للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه المقدمة الثابتة (١)، فإذا أقام الدليلَ على الوجوب لم يصح أن يقول: «وعدم الوجوب ثابت»؛ لأنه جَمْع بين النقيضَيْن.

وأيضًا: فإنه إذا ادَّعى أحدَ الأمرين وأقامَ الدليلَ على كلٍّ منهما أمكنَ المعترض أن ينفي الأمرَيْن بالأدلة النافية لكلٍّ منهما.

مثالُ ذلك: إذا قال هنا: لا يخلو إمَّا أن لا يجب [هنا] أو يجب هناك بالأدلة الدالَّة على عدم الوجوب هنا، والأدلةِ الدالة على الوجوب هناك، لكن الثاني منتفٍ بالإجماع، فيتعيَّن الأول.

قيل له: لا يثبتُ واحد منهما؛ لأنه لا يخلو إما أن يجب هنا، أو يجب هناك بالأدلة الدالة على الوجوب هنا وهناك، والوجوبُ هناك منتفٍ، فيتعيَّن الوجوبُ هنا.

فإن قيل: إنما يَدَّعي أحدَ الأمرَين [ق ٢٣٠] اللذين أحدُهما لازم الانتفاء، ويقيم الدليل على ثبوتِ أحدهما بتقدير عدمِ الآخر كما في التلازم. مثاله: أن يقيم الدليلَ على الوجوب على الفقير بتقدير الوجوبِ على المَدِيْن، فلا فرقَ بين هذا وبين التلازم في المعنى.

قيل: هو في باب التلازم يدَّعي الوجوب على التقدير، وهذا أيضًا ممكن، ويقيم الدليل عليه في الجملة، فيكون قد أقام الدليلَ على ممكن، وكذلك لم يمكن المعترض معارضته بنفسِ كلامه، وهنا إذا ادَّعَى أحدَ أمرين فهو يُقيم الدليل على كلٍّ منهما بانفراده، وهذا غير ممكن فيما عُلِمَ انتفاؤه، وإذا أمكن في (٢) الجانب الآخر فهو مستقلٌ بالإفادة.


(١) كذا، ولعلها: «الثانية».
(٢) كلمة مطموسة، ولعلها ما أثبت.