للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال له: بل قد أجمعوا على الفَرْق؛ لأن هؤلاء يوجبون الزكاة على الصبيان، ولا يوجبونها في الحُلِي. وهؤلاء يوجبونها في الحُلي، ولا يوجبونها على الصبيان. فقد أجمعوا على أنَّ حكم إحدى المسألتين نَفْيٌ، والأخرى إثبات، فكيف يصحُّ نَفْي الفرق فيما فيه الفرق؟!

ويقال له: هَبْ أنَّا سلَّمنا ألَّا (١) قائلَ بالفرق، فَلِم قلتَ: إن القولَ بالفرق باطل؟ وليس في هذا إلا دعوى محضة وكلمة تُقال لا حاصل تحتها، وإنما القولُ الباطل: ما قال أهل الإجماعِ خلافَه، أما ما لم يقولوا بما يوافقه ولا ما يخالفه فيجوز أن يكون صحيحًا، ويجوز أن يكون باطلًا.

نعم، لو قال أهلُ الإجماع بالجمع (٢) بين المسألتين والتسوية؛ لكان الفرقُ باطلًا.

فإن قال: الفرقُ إحداثُ قولٍ ثالث (٣).

قلنا: لا نُسَلِّم، بل هو موافقة هؤلاء في مسألة، وموافقة هؤلاء في أخرى، ومن فعل ذلك لم يخرج عن قول الأُمة.

ويُقال له: لفظُ الفرق مشتركٌ، فإنه يُقال: فَرَّق فلانٌ بين الشيئين إذا كانا مشتَبِهَيْن نوع اشتباه، فيقال: قد قال بالفرق إذا فرَّق بين الحادثتين، ويقال: قال بالفرق إذا فرَّق بين القائلَين، بأنْ كان مع هذا تارةً، ومع هذا أخرى. فالفرقُ تارةً يكون بين الحوادث لما بينها من التشابه، وتارةً يكون بين


(١) في الأصل: «لأن»! ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) في الإصل: «بالإجماع» ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) في الأصل: «ما لنا» والصواب ما أثبت.