للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض الناس و [ضعُف] عند الباقين، فإنّ المتكلم قد علمنا أنه لم يُرِدْ به الاستغراقَ، وإلّا لما خُصَّ منه شيءٌ، فإذا كان لم يُرِدْ به الاستغراقَ جاز أن تكون هذه الصورةُ من جملة ما لم يُرِدْه، وجاز أن تكون من جملة المراد، فإذا لم يعارض فيها قياس كان المقتضي ــ وهو عموم اللفظ ــ قائمًا من غير معارضٍ، فيعمل عملَه. أما إذا عارضَ فيها قياس فإن المقتضي لإرادتها قد عارضه معارضٌ وهو القياس، وترجَّح هذا المعارض بالعلم بعدم إرادة العموم من هذا اللفظ، فصار راجحًا. ومن حقَّقَ الطريقةَ التي أومأنا إليها في صدر الكلام عرفَ الحقَّ من الباطل، وأمكنَه تقريرُ رجحانِ القياس على العموم الضعيف وبالعكس، وليس هذا موضعَ استقصاءِ الكلام في ذلك.

ونحن نتكلم على تقدير تسليم قياس التخصيص، إما وحدَه أو هو وغيره، ونبيِّن أن هذا المجادل لم [ق ١١٦] يستعمل صحيحَه وإنما استعملَ فاسدَه، كما تقدَّم في استعمالِه أصلَ القياس. وذلك أن الإسلام ليس شرطًا في الإحصان الموجب للرجم عند فقهاء الآثار من الشافعية والحنبلية ونحوهم، وهو شرط عند فقهاء الأمصار من الحنفية والمالكية. وأما سائر الشروط من مساواة المتجامعين في الإحصان، ففيه خلاف وتفصيل ليس هذا موضعه.

فإذا احتجَّ من يقول بوجوب الرجم على الكافر أو على الحرِّ المتزوج بأمَةٍ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الثيبانِ والبكرانِ يُجلدانِ ويُرجَمانِ»، وهذا اللفظ ليس هو مشهورًا (١) في كتب الحديث، وأظنه قد رُويَ من حديث أُبي بن كعب (٢)،


(١) الأصل: «مشهور».
(٢) أخرجه من حديثه أبو نعيم في «مسانيد أبي يحيى فراس» (ق ٩١ أ) والديلمي في «مسند الفردوس» (٢/ ٧٠) بلفظ: «الثيبان يُجلدانِ ويُرجَمان، والبكران يُجلدانِ ويُنفَيانِ». أفاده الألباني في «الصحيحة» (١٨٠٨) وصححه.