الحال، وإن كان متحقِّقًا في الماضي، فذلك يوجب تحقُّقَه في سائر الأزمان، وذلك هو الزمان الآخر؛ لأنه لو لم يتحقَّقْ في جميع الأزمان لتحقَّق نقيضُه، وهو الوجوب في زمان من الأزمان، ولم يجب في ذلك الزمان بالأصل النافي للوجوب السالم عن معارَضة القطعيِّ.
واعْلم أن هذا النظر مستدرك؛ لأنَّ مقدمةَ الدليل إذا لم يكن إثباتُها إلا بما يثبت الحكمَ كان ذكرها ضائعًا، وهو لا يمكنه نفي وجوبِه في زمنٍ من الأزمان إلا بالأصل النافي، والأصلُ النافي الوجوبَ في الحال كما ينفيه في زمنٍ من الأزمان.
وأيضًا: فقوله: "يوجبُ العدمَ في هذا الزمان، أو في سائر [ق ٣١٩] الأزمان، أو يوجب أن يتحقَّقَ في الحال، أو في سائر الأزمان". إن أُرِيْد تغيير (١) العبارة، يعني يقول المستدلُّ أيَّ اللفظين شاء، فقريب. وإن أراد به الأمر، فالترديد لا يكون بين شيئين كلٌّ منهما يستلزمُ الآخر؛ لأنَّ الترديد إما أن يقصد به امتناع الجمع والخُلُو، أو امتناع الجمع، أو امتناع الخُلُوّ. وعدمُ الوجوبِ في هذا الزمان وفي سائر الأزمان لا يصحُّ أن يُقال: يمتنعُ اجتماعُهما؛ لأن اجتماعهما ممكن، بل واقع.
ولا يصح أن يُقال: يمتنع خُلُوُّ الحالِ عنهما لأنَّ ذلك إنما يكون في شيئين يجوز وجودُ أحدهما وعدم الآخر، فيقال: لا يخلو الأمر عن هذا أو هذا، فأيهما فُرِض عدمُه لزم وجودُ الآخرِ، وهنا العدم في هذا الزمان وسائر الأزمان متلازمان، وأيهما تحقَّقَ تحقَّقَ معه الآخر. ولا يصحُّ أن يُقال: لكن عُدِم هذا فوُجِدَ هذا، أو عُدِم هذا فوُجِدَ هذا.