قدَّمنا القياسَ على دلالة العموم، وذلك غير محذور، وليس هو ترجيحًا للقياس على النصّ.
ومنهم من يُقرِّر هذا بوجهٍ آخر، فيقول: لو أضيف الحكم إلى المشترك لكانت الإضافة متحققةً في نفس الأمر [و] امتنع أن يعارضها نصٌّ، لأنّ النصّ كلام الشارع، وهو مما يُوجِب العلم في الشرعيّات لكونه مَصُونًا عن الخطأ، والقياسُ رأيُ المجتهد وقد يُخطِئ ويُصيب ولأن النصّ مُثبِتٌ للحكم، والقياس مُظهِرٌ لمحل آخر يثبت فيه مثل حكم النصّ، فكيف يُعارضه؟ فكيف يتعارضان؟ وإذا امتنع تعارضهما امتنع الترجيح، لأنه فرع التعارض. لكن وقوع الإضافة دليلٌ على عدم النصّ المعارض، فلا ترجيح للقياس على النصّ.
واعلم أنّ الجواب الأول الاعتراضُ عليه ببيان دلالة العام على صور التخصيص وغيرها، وحينئذٍ يعود الكلام المتقدم.
وأما الثاني فضعيف لوجهين:
أحدهما: أنه هَبْ أن الإضافة لو كانت واقعةً لما عارضت النصّ، لكن وقوعها في نفس الأمر غير معلوم، وإنما دلَّ عليه المناسبة ونحوها، فيكون ما ذكرته على صحة وقوع الإضافة معارضًا للنصّ، ومعنى الكلام: إن قلتم بالإضافة لزمَ المحذور.
الثاني: أن المعارضة بين دلالة النصّ وبين القياس. وهذا واضح.