للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بتقدير عدمها، وحينئذٍ فتكون الحقائق تابعة للعقائد حتى يُحكم بثبوت كلِّ مُعْتَقد خشيةَ فسادِ الاعتقاد، وهذا أحد أنواع السَّفْسَطة.

الثاني (١): نقول: إذا كان غيره مرادًا فلابدَّ أن يدلَّ دليلٌ على إرادته، إما كونه حقيقة اللفظ وقد تجرَّدَ عن القرائن، أو كونه مجاز اللفظ الذي اقترنَ به ما يقتضي إرادة مجازِه، أو كونه فردًا من أفراد حقيقته، أو كونه أحد معنَيَي اللفظ المشترك الذي دلَّ دليل على أنَّه هو المراد، أو على أنّ الآخر ليس بمراد. واستقراءُ اللغات يدلُّ على أنَّ كلَّ متكلَّم قَصَدَ الإفهام إنَّما يُعْلم مراده بأمر زائد على مجرَّد جواز الإرادة، وعلى التقدير فلا اختلال للفهم.

الثالث: تدَّعِي أنَّ كل ما جاز إرادته فإنه لابدَّ أن يكون مرادًا، أو تدعي أن الأصل فيه أن يكون مرادًا، فإن ادَّعيت الأول ففساده معلوم بالاضطرار، وإن ادَّعيت الثاني فقد سلَّمْتَ تخلُّف الإرادة عن جواز الإرادة في مواضع.

فنقول: تلك المواضع التي كان المعنى [فيها] جائزَ الإرادة ولم يُرَد لابد أن يكون قد اقترن بالمعنى الآخر المراد ما دلَّ على أنه هو المراد، ونحن ... (٢) كلَّ الألفاظ من هذا القسم فيُعْلَم المراد بما هو دليلٌ عليه في كلِّ موضع بحسبه.

الرابع: إذا كان جائز الإرادة، فإن دلَّ دليلٌ على أنه مراد فلا كلامَ فيه، وإن لم يدلَّ دليلٌ سوى كونه جائز الإرادة، فإنه يجوز أن يكون مرادًا، ويجوز أن لا يكون مرادًا، وإلَّا لوجَبَ التلازم بين جواز الإرادة ووجودها في جميع


(١) في الرد على صاحب «الفصول» في مسلكه الثاني (ص ٤٥٣) وتقدم الوجه الأول هناك بقوله: «والاعتراض عليه أن يقال ... ».
(٢) كلمة لم أتبينها، لعلها: «ثبوت» أو نحوها.