وأشار إلى المراوغة ــ التي سبق في المقدمة أن وصفها بـ «مراوغة الثعالب» ــ بقوله (ص ٢٩): «وانقطع باب المراوغة الذي فتحوه».وبقوله (ص ٢٩٥): «فكيف تروغ من هذه المعارضة مراوغة الثعلب الأملس».
واقرأ أيضًا في الكتاب (ص ١٨): «هذا الكلام على تعقيده وقبح التعبير به ــ لما فيه من الألفاظ المشتركة الخالية عن قرينة التمييز، ولما فيه من حشو كلماتٍ لا حاجة إليها ــ فهو مع خلوِّه عما يحتاج إليه في البيان، واشتماله على ما لا يحتاج إليه خالٍ عن الفائدة».
وفي (ص ٣٧): «وأمثلة هذا الكلام المزيف الذي لا يقوله عاقل كثيرة، حتى يتمكن مِن تقوُّلِه مَن استباح القضايا المتناقضة من التراكيب الفاسدة».
وفي (ص ٢٨٧): «وكثيرًا ما يستعملها هذا الجدليُّ في أغاليطه، بل كثير من الأغاليط إنما تروج بها، فإنه يغيّر العبارة ويكثّر الأقسام، ويُطيل المقدمات، ويجعل الشيء مقدمةً في إثبات نفسه من حيث لا يَشعُر الغبي».
واستهزأ شيخ الإسلام فيه (ص ١٩٦ - ١٩٧) بهذا الجدل الباطل وأصحابه فقال: «واعلم أن هذا الكلام دعوى عارية ليس فيها زيادة على الدعاوي الماضية سوى تغيير العبارة وتطويلها بغير فائدة، وسلوك الطريق المعوجّة المنكوسة، وما مثل هذا إلاّ مثل من قيل له: أين أُذُنك اليسرى؟ فوضع يده اليمنى فوق رأسه، ثم نزل بها إلى أذنه، وترك أن يوصل إليها من تحت ذقنه ... ». إلى آخر ما في الكتاب في هذا الموضع.
وقد سبق أن ذكرنا التمويه ومشتّقاته فيما مضى، فإذا قرأنا هذه العبارات في أثناء الكتاب= عَلِمْنا أن عنوان الكتاب «تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل» مطابق تمامًا لمضمون الكتاب الذي بين أيدينا، وأن المؤلف