للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجودِه دون سائرِ صور وجودِه، وليس هذا معنى الدوران.

الثاني: لا نُسلِّم أنه دار معه عدمًا، وقوله «فظاهر» ليس بظاهر، لأن انتفاء الكفارة (١) فيما عدا هذه الصور إمّا أن ثبتَ بنصٍّ أو إجماع أو قياس، وليس في المسألة نصٌّ ولا إجماع (٢)، فإن مالكًا يوجبها في كل إفطارٍ، والإفطار بغير الثلاث من جملة صور العدم. وأحمد يوجبها بالوقاع المحرَّم [ق ٤٦] في نهار رمضان وإن لم يكن إفسادًا، فيوجبها بكلّ هَتْكٍ لحرمة الزمان الذي وجب صومه عليه، سواءٌ صامَه أو لم يَصُمه. والثلاثة يوجبونها على مَن جامعَ قبل طلوع الفجر واستدامَ بعد طلوعِه، وليس هناك إفساد صوم. فكيف يصح مع هذا الخلاف أن يقال: عدم الكفارة عند عدمِ [هذه الصور] ظاهر؟ ولم يذكر على ذلك دليلًا [ولا] قياسًا.

الثالث: أن يقال: كما دار مع ما ذكرتَ من الضابط فقد دار مع الوقاع الهاتكِ حرمةَ رمضانَ، وقد دارَ مع الإفطار الهاتك، وقد دارَ مع الوِقاع الهاتك لحرمة الصيام، فَلِمَ عَيَّنْتَ إحدى المداراتِ بالعِلِّية دون الأُخر؟

الرابع: قوله: «دوران الأثر مع الشيء آية كون المدار علةً للدائر».

قلنا: لا نُسلِّم ذلك في شيء [من] المواضع، ولم يذكر على ذلك دليلًا. والنظائر التي أحالَ عليها لم يُثبتها، وكلُّ موضع يُثبت إضافة الحكم إلى وصفٍ لم يُسَلَّم أن ذلك يُعرَف بالدوران، فإن لم يَقُم الدليل على أن ذلك عُرِفَ بالدوران، وإلّا لم يتم. وهذا سؤالُ مَن يقول: إن الدوران لا يفيد


(١) في الأصل: «الكفار».
(٢) في الأصل: «والإجماع».