للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما قلنا: إنه لمعنى يختصّ الأصل، لأن ترك العمل به على مخالفة الأصل، وما ثبت على خلاف الأصل فكثرته أيضًا على خلاف الأصل، فلا يلزم من التزام مخالفة الأصل في موضعٍ التزام مخالفته في بقية المواضع، لما فيه من تكثير المحذورات. وهذا معنى قوله: «لا يضاف الحكم إلى المشترك، لأن الأصل راجح على الفرع»، إذ لولا رجحانه عليه لما ثبت الحكم فيه قياسًا له على صورة النقض، وهو عبيد الخدمة مثلًا، وهو قياسٌ سالمٌ عن معارضة الرجحان الثابت فيه، وعملًا بالنافي المانع من الوجوب، وهو استصحاب براءة الذمّة، والنافي للضرر الناشئ من الوجوب بتقدير الفعل أو الترك. وهذا النافي والقياس مانعان من ثبوت الحكم بكل حال، فلو لم يكن الرجحان معارضًا لهما لزمَ العملُ بالنافي السالم عن معارض، وطَرْدُه عند السائل الفرع، فإنه لما لم يكن هذا الرجحانُ ثابتًا فيه عَمِلَ النافي للوجوب عملَه.

فالسائل يقول: القياس على صورة النقض واستصحاب براءة الذمة والنافي للضرر يمنع الوجوب مطلقًا، لكن إنما ترك العمل به عند معارضة ما في الأصل من المعنى الراجح، وذلك المعنى مفقود في الفرع. قال: ولولا الرجحان لزم العمل بهذه الأدلة، فيمتنع الوجوب، والوجوب ثابت، فعُلِمَ وجودُ الرجحان. وإذا كان الرجحان ثابتًا في الأصل امتنعت الإضافة إلى القدر المشترك بين الأصل والفرع، فيكون الرجحان مانعًا من الإضافة أو مستلزمًا لعدم الإضافة، إذ لو لم يكن مانعًا لوجب إضافة الحكم إلى القدر المشترك بين الأصل وبين صورة النقض، لاشتراكهما في المناسبة النافية للوجوب [ق ٧٤] على هذا التقدير، إذ ليس في الأصل رجحانٌ يقتضي