للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعيين بحيث يقطع أن الحكم في الأصل مضاف إلى الوصف الفلاني المقطوع بوجوده وعلّيته= فهذا خلاف إجماع المسلمين، بل قدا (١) الغالبُ في مسائل الفروع أنه لا يُقطَع على وصفٍ بعينه أنه هو العلَّة في الأصل. وإن أردتَ أنه لا بدَّ أن يقطع أن في الأصل علة موجودة في الجملة فهذا مسلَّمٌ، لكن إذا قطعنا أن في الأصل علة فقد قطعنا بوجودِها فيه وبأنها علة، وتلك العلة يجوز أن لا تكون علة في الفرع إما لعدمها أو عدم علّيتها، فإن تجويزَ عدم الحكم فيه إنما يُفيد تجويز عدم العلة، إما لعدم ذاتها أو لعدم صفة العلّية، وحينئذٍ فالمشترك بينهما إنما ثبت قطعًا وجودُه لا علّيتُه، فإذا أضفنا الحكم إليه فقد أضفناه إلى علة يجوز عدمُ علّيتها في إحداهما، وإن كانت ذاتها لا يجوز عدمها في إحداهما.

فقوله: «إلى ما هو جائز العدم»، إن أراد به: إلى ما يجوز عدم ذاته في أحدهما فهذا ليس بمشترط بالإجماع كما تقدم، لجواز أن تكون العلة في الأصل ما يقطع بوجودها في الأصل والفرع، وإن لم يقطع بعلّيتها في واحدٍ منهما، إذ القطع في الأصل إنما هو بمطلق العلة لا بعين العلة، وذلك لأنّنا في الشك في تعينها في (٢) جميع مسائل القياس. وإذا [ق ٨٤] قسنا الفرع على الأصل بوصفٍ حسّي أو عقلي أو شرعي منصوص أو بجميع علية (٣) فإنا نقطع بوجودِه في الموضعين، وإن لم نقطع بعلّيته مع قطعنا بوجود علة الحكم في الأصل، وبكونها لا بدّ أن تكون علة.


(١) كتب في الأصل فوقها: «كذا». ولعلها: «هذا» أو «قد يكون».
(٢) الأصل: «و».
(٣) كذا الأصل. ولعل الصواب: «بجميع ذلك».