قوله:«المناسبة تدلّ على الإضافة إلى المختص بالأصل من المعاني المناسبة».
قلنا: لا نُسلِّم أن في الأصل معانيَ مختصّةً به مناسِبةً للحكم، ومعلوم أن ذلك ادّعاءٌ يفتقر إلى دليل. وهذا بخلاف المستدلّ، فإنه زعم أن مصالح المشترك مناسبةٌ للإيجاب، لأن الإيجاب في الجملة يُحصِّل مصالح في الأصل خاصّةً دون الفرع. فهذا لا يُعلَم بدليل إجمالي، فإن بين في الأصل معاني مختصة به فذلك كلامٌ صحيح، وهو استدلالٌ بالأدلة الفقهية، والكلام فيه.
الثاني: أنه وإن كان فيه معاني (١) مناسبة مختصة ففيه معاني مناسبة مشتركة، والوجوب طريقٌ صالح لتحصيل مجموع ذلك، فيضاف الحكم إلى المجموع، لا إلى أحدهما دون الآخر. وهذا الكلام يمنع القياس أيضًا، وإنما ذكرناه لبيان أن الإضافة إلى المختص وحده لا يجوز.
الثالث: أنه إذا أضيف إلى القدر المشترك فقد حصل بالوجوب المصالح المطلوبة المختصَّة والمشتركة، أما إذا أضفناه إلى المختصّ وحده لم تحصُل المصالح المطلوبة المشتركة، فتكون إضافته إلى المشترك أولى. وهذا كلامٌ جملي، وإلّا فالمرضيُّ عندنا أنه لو ثبت مناسبة الجميع لم يضفه إلى أحدهما إلّا بدليل يختصُّه، بل يضيفه إليهما. وهذا يقول به من يرى ترجيح العلة المتعدية على القاصرة، وفيه خلاف مشهور.