وإن كان واقعًا لم يصح الاستدلال بالنافي على تقدير غير واقع، لاسيما الاستدلال بالنافي للتخصيص على تقدير التخصيص.
الوجه الثالث: أن المانع من التخصيص في صورة النزاع موجود، وهو العموم ونحوه كما تقدم، فيكون امتناع التخصيص واقعًا لقيام مقتضيه، فيكون التخصيصُ غيرَ واقع، وإذا كان التخصيص في صورة النزاع غيرَ واقع في الواقع لم يكن المقتضي للوجوب النافي للتخصيص في صورة الإجماع واقعًا على هذا التقدير، لأنه يكون واقعًا على تقدير عدم الواقع، فيكون الواقع مستلزمًا لغير الواقع، وذلك جمعٌ بين النقيضين، وهو محال.
الوجه الرابع: النافي للتخصيص قد ترك العمل به في صورة الإجماع بالإجماع، فلا يبقى نافيًا للتخصيص في الأصل ولا مقتضيًا، للإجماع على عدم نفيه للتخصيص وعدم اقتضائه للوجوب في هذه الصورة، فلا يصحُّ الاستدلال به.
الوجه الخامس: أن تخصيص الأصلِ [ق ١٢٧] واقع في الواقع بالإجماع، فيكون واقعًا على تقدير عدم التخصيص في الفرعِ، لأنه لا منافاةَ بين تخصيص الأصل وعدم تخصيص الفرع، إذ لو تنافيا لكان إذا خصَّصنا صورةً يلزم تخصيصُ كل صورة، وهو خلاف الإجماع.
الوجه السادس: أن النافي للتخصيص لا اختصاصَ له بتقدير التخصيص في الفرع وعدمه، فإمّا أن يكون دالًّا على التقديرينِ أو لا يكون دالًّا، وليس دالًّا على التقديرين بالإجماع، فتعيَّن أن لا يكون دالًّا على التقديرين، أعني تقدير التخصيص في الفرع وعدمه، وإذا لم يكن دالًّا على انتفاء التخصيص في الأصل بطلَ الاستدلالُ به.