للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعدم المقتضي، أو لوجود المانع، فإن كان لوجود المانع لزم محذور الترك، وإن كان لعدم المقتضي لم يلزم المحذور، فيكون أولى.

الثاني: أن يقال: المناسبة التي ادَّعيتها مقتضية للوجوب، وهي موجودة في الأصل وفي صورة التخلف، ومعلومٌ قطعًا أنَّ مثل هذا لا يفيدُ ظنَّ كون ذلك المناسب هو العلة [ق ١٨١] فإن مَنْ دَخل عليه رجلان عالمان أو فقيران، فأعطى (١) أحدَهما ولم يعطِ الآخر، لا يمكن بمجرَّد ذلك أن يقال: إنما أَعطى هذا لكونه عالمًا أو فقيرًا، وحَرَم الآخر لمانع فيه من فِسْق أو عداوة، بل ذلك معارضٌ بأن يقال: يجوز أن يكون أعطى المُعْطَى لقرابته أو صداقته أو إحسانه إليه، لاسيما إذا عَلِم وجود هذه الأسباب المناسبة. وفي هذا الموضع، كما أن عمومَ تحصيل المصلحة مناسب، فتحصيل المصلحة من المال النامي مناسبٌ أيضًا، والحكم مقارن لخصوص هذا الوصف دون عموم الآخر.

الثالث: أن يقال: الأصل ينفي وجود المقتضي، ووجود المانع، وأنت تدَّعي ثبوتَهما جميعًا، فيكون قولُكَ مدفوعًا بالأصل النافي.

الرابع: قولُك: لو لم يكن المانعُ موجودًا لثبتَ الحكمُ في البعض، إنما يصحّ إذا ثبتَ أن المشترك العامَّ علة، وإنما يتم كونه علة (٢) إذا علم أن التخلُّف إنما هو لمانع، فلو استدللنا على كون التخلف لمانع بكون المشترك علةً لزم الدور؛ لأنَّا لا نعلم العلة.


(١) الأصل: «أعط»!
(٢) مكانها في الأصل بعد «التخلّف» وهو خطأ من الناسخ، وهذا مكانها الصحيح.