منضمًّا إلى جملةِ أقواله، فإذا أثبتُّ أنه يلزمه ترك القول به، أو ترك القول ببعض أقواله التي هي من لوازم مأخَذِه، فقد حصل الغرض.
وهذه المنفعة حاصلها بيانُ فسادِ أحدِ مذهبَي الخصم من غير تعيين، ولا يدلُّ ذلك على صحة قولٍ مُعيَّن للمستدل.
واعلم أنه إذا كان التركيبُ بين المتناظرين فقط، كانت مناظرةً جدليَّةً محضة، ولعلَّ الحقَ يكونُ في غير القولين، وإن كان التركيبُ بين الأمة فهو أقوى؛ لامتناع أن يكون الحكم في صورة التركيب خلافَ ما أجمعوا عليه.
ورُبَّما يُجْعَل دليلًا حقيقيًّا على المسألة بأن يقال: هذه الحادثة قد اتفقت فيها أقوالُ العلماء على هذا الحكم بأن يُقال: الصبيَّةُ لا زكاة في حُليِّها بالاتفاق، وخضروات الأرض الخراجيَّة لا عُشْرَ فيها بالاتفاق، والإجماعُ حجةٌ قاطعة، فالعلةُ إما كونه حُليًّا، وإما كونه مالَ صغير، لكن كونه مالَ صغيرٍ لا يجوز أن يكون علة، فتعيَّن القولُ الآخر، ويلزم من صحَّته سقوطُ الزكاة في جميع الحُلِي.
وهل لأحدٍ أن يوجبَ الزكاةَ فيها بناءً على موافقة أحدهما في مسألة والآخر في مسألة أخرى؟ هذه من فروع ما إذا اختلفوا في مسألتين على قولين، لكن هنا القول بالتفريق أبعد؛ لكونه مستلزمًا لمخالفة الإجماع في صورةٍ من الصور.