للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم من قال: ليس له أن يُفَرِّق بينهما، وهو قول طوائف من الفقهاء.

وأما إن صرَّحوا بالتسوية بينهما، أو كانت إحداهما من فروع الأُخرى أو كانت جميعًا أصلًا لفرعٍ واحد، بحيثُ يكون أهل الإجماع قد (١) صرَّحوا بذلك، فهنا لا يجوز التفريق بلا ريب، كوجوب الزكاة في مال الصبيِّ والمجنون، وكالردِّ وتوريث ذوي الأرحام.

وذهبَ طائفةٌ من الناس إلى جواز التفريق مطلقًا وإن صرحوا بالتسوية.

وأما إن كانت التسويةُ بين المسألتين (٢)، أو كون إحداهما فرعًا للأخرى، أو كونهما فرعين (٣) لأصلٍ واحدٍ مما يُعْلَم بالاستدلال، وقد ينقدح خلاف ذلك= فهذا كالقسم الأول، كإيجاب الزكاة في جميع أموال الصبيِّ أو نفيها عن جميع أمواله. وفرَّق أبو حنيفةَ بين الغِرِّ (٤) وغيره.

وأما إن كان مأخَذ المسألتين مختلفًا متباعدًا، بحيثُ لا تعلُّق لأحدهما بالأخرى؛ كإيجابِ الزكاة في الحُلِي، وإيجابها في مال الصبيِّ والمجنون، وإيجاب الزكاة على المَدِيْن، وإيجابها في الخُضروات، ووجوب القَوَد بالمُثَقَّل، وقَتل المسلم بالكافر، وإيجاب الحدِّ على الكافر المُحصَن، وعلى من زنى بذوات محارمه، ونفيه عنهما، ونحو ذلك من المسائل= فقد اتفق الفقهاءُ ــ بل العقلاءُ ــ على أنه لا يلزم الموافقةُ في إحدى المسألتينِ الموافقةَ في الأخرى، وليس على من قال بقول قومٍ في مسألة أن يقول بقولهم في


(١) بالأصل: «وقد»، و «الواو» زائدة.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: «من المساكين».
(٣) في الأصل: «وعين»!
(٤) أي: الغافل الذي لم يُجرب الأمور «المصباح المنير» (ص ١٦٩).