للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من وجودها مع أوصاف موجودة العِلِّية. وما أظنُّ هذا يخفى على عاقلٍ، وظنِّي أن الجدليَّ إنما قَصَد بهذا التغليط المحْضَ والترويج الصِّرْف، فنسألُ الله العافية، ونعوذ بالله من تغليط الأذهانِ، وتخبيطِ العقولِ والأديان، واستحسانِ قول الهذيان، والدخولِ في دين الله بالإفك والبهتان، وأن [ق ٢٠٣] يُقال ما لا يَنْفُقُ إلا على الساخرين (١) المُجَّان!!

وكذلك قوله: «الحكم ثابتٌ في صورة من صور وجود المشترك، أو المشترك ثابت في كلِّ صورةٍ من صور الحكم، فيُضافُ الحكمُ إلى المشترك»، دعوى باطل وكلام ليس له حاصل.

فيقال: لا نُسَلِّم أنَّ ثبوتَ الحكم في بعض صور المشترك، أو ثبوت المشترك في بعض صور الحكم، يدلُّ على إضافة الحكمِ إلى المشترك، ولم يذكر عليه دليلًا، ومعلومٌ أنه خلاف إجماع العلماء، فإن أحدًّا من الناس لم يقل: إن مجرَّدَ اقترانِ حكمٍ بوصفٍ يدلُّ على أنه علة. نعم، ذهبَ بعضُ الناس إلى أنَّ الوصفَ الموجودَ في جميع صور الحكم يكون علَّةً له، وهم أصحاب الطَّرْد، وأَبى ذلك أكثرُ المحقِّقين.

وأما اقترانُه به في صورة مع انتفائه عنه في صورة أخرى، فلا يقول عاقل: إنه دليلٌ على العلة، وأدنى ما في هذا الكلام أن يُعَارَض بمثله كما تقدم، والمعارضة صحيحةٌ عند العقلاءِ، بخلاف هذه الجهالة الجَهْلاء!!


(١) كتب بعدها في الأصل: «الأذهان»، ثم ضرب عليها.